على وقع السجالات المستمرة حول الإستحقاق الرئاسي، يمكن الحديث عن أن الأيام الماضية شهدت عمليات إعادة تموضع من قبل مختلف الأفرقاء المحليين والخارجيين، من الممكن أن يكون لها تداعيات كبيرة في المرحلة المقبلة، نظراً إلى أنها تصب في إطار الدخول في حالة من الترقب، التي من المرجح أنها تسبق تحركات جديدة.
في هذا السياق، الدخول في حالة الترقب ليس بالأمر المفاجئ، في ظلّ التحولات التي تشهدها المنطقة، والتي من الطبيعي أن يكون لها تداعيات على الواقع اللبناني، لكن حتى الآن لم تظهر معالمها الواضحة القادرة على حسم المعادلة، الأمر الذي يسمح بإستمرار السعي إلى تحسين أوراق القوة من قبل جميع الأفرقاء.
على هذا الصعيد، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى بعض المؤشرات الناجمة عن التحركات الدبلوماسية، حيث تلفت إلى أن الموقف السعودي لم يخرج من دائرة الغموض، ما يعني عدم قدرة من يتأثرون بموقف الرياض على حسم توجهاتهم، بالتزامن مع عدم دفع الأفرقاء الساعين إلى الحصول على دعمها لمرشحهم، أي رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، إلى التراجع.
وفي حين ترى أن هذا الأمر قد يعود إلى عدم إعطاء الملف اللبناني الأولوية أو إنتظار توفر ظروف أفضل، تلفت هذه المصادر إلى أن الجانب الأميركي عمد إلى الدخول على خط الإستحقاق الرئاسي، من خلال تحديد مواصفات واضحة بعد أن كان يكتفي بالحديث في العموميات، الأمر الذي لا ينفصل عن قرب إنتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على إعتبار أن واشنطن تولي أهمية لهذا المنصب.
بالنسبة إلى المصادر نفسها، ما ينبغي التوقف عنده هو أن الجانب الأميركي، من حيث المبدأ، غير موافق على التحولات القائمة على المستوى الإقليمي، فالتقارب السعودي الإيراني تم برعاية صينية، في حين أن الموقف من الإنفتاح العربي على سوريا، الذي تلعب فيه الرياض دوراً أساسياً، واضح، وبالتالي لن يكون من السهل، في حال حصول ذلك، أن تغطي واشنطن تسوية لبنانية ناجمة عن هذه التحولات.
هذا الواقع الغامض، لم يتأخر في الإنعكاس على مواقف بعض الأفرقاء المحليين الذين يُصنفون في دائرة المترددين، في مقابل تمسك كل فريق من الأفرقاء الأساسيين بموقفه، على وقع رميه مسؤولية التعطيل على الآخرين، ما يعني في الوقت الراهن إستمرار "الجعجعة" التي لا تنتج طحيناً، لكنها تفتح الباب أمام سيناريوهات مختلفة لكسر المراوحة القائمة.
في هذا الإطار، تشدد مصادر نيابية، عبر "النشرة"، على أن الواقع الراهن لا يعني عدم وجود حراك جدي خلف الكواليس، حيث بات من الواضح أن هناك رغبة لدى غالبية القوى الخارجية المؤثرة في الساحة اللبنانية بإنجاز الإستحقاق الرئاسي، لكنها تلفت إلى أن المعادلة التي من المتفرض أن تنتج الحل لم تظهر بعد، نظراً إلى أن ليس هناك من هو في وارد التراجع.
في المحصلة، تشير هذه المصادر إلى أن النقطة المفصلية اليوم، هي الحديث عن مهلة زمنية من المفترض أن يتم خلالها إنجاز الإستحقاق الرئاسي، أي قبل نهاية شهر حزيران، مرتبطة بنهاية ولاية حاكم مصرف لبنان، حيث تلفت إلى أن عدم نضوج التسوية قبل هذا التاريخ، يعني إمكانية أن يطول الشغور لشهور إضافية، ما يفتح المجال أمام إمكانية رفع مستوى التحركات الخارجية تحديداً، والتي من الممكن أن يبرز فيها التلويح بورقة العقوبات أو تفجير أزمات ضاغطة.