في الوقت الذي لا تزال فيه قوى الثامن من آذار، تراهن على ترجمة التحوّلات الإقليميّة لصالح مرشحها رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، لا سيما بعد الموقف السعودي المعلن بعدم وجود فيتو على أي إسم، يروج معارضو هذا الترشيح لمعلومات عن أنّهم يتجهون إلى قلب الطاولة، عبر الإتفاق على مرشح آخر، الأمر الذي من المفترض أن يعيد خلط أوراق المعركة من جديد.
في هذا السياق، قد يكون التحول الأبرز الحديث عن إمكانية الوصول إلى تفاهم بين بعض قوى المعارضة، من ضمنها حزب "القوات اللبنانية"، و"التيار الوطني الحر" على مرشح واحد، حيث هناك من يروج أن النقاش بات ينحصر بأسماء محدودة لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، بعد أن كان مؤيدو فرنجية يراهنون على شرذمة الآخرين، وبالتالي عدم قدرتهم على تقديم منافس جدي له.
"هذا التحول سيقود إلى فتح باب النقاش الجدي بشكل غير مسبوق"، هذا ما تؤكد عليه مصادر نيابية متابعة عبر "النشرة"، حيث تلفت إلى أن بروز مرشح قوي منافس لرئيس تيار "المردة"، من الممكن أن يقود إلى واحد من أمرين: ميل الكفة لصالحه على حساب فرنجيّة أو الذهاب إلى مساومة على مرشّح آخر، في حال توفّرت الظروف المناسبة للإنتهاء من هذا الإستحقاق، على إعتبار أن هناك سيناريو ثالث هو إستمرار الواقع على ما هو عليه.
بالنسبة إلى هذه المصادر، التوافق على أي إسم، بين الأفرقاء المعارضين لفرنجيّة، سيضعف الحجج التي تستند إليها قوى الثامن من آذار للتمسك بمرشحها، خصوصاً أن هذه الأخيرة تقوم، بشكل أساسي، على فرضيّة عدم وجود مرشّح منافس، بالتزامن مع رمي كرة التعطيل في ملعب الأفرقاء المسيحيين، وبالتالي السعي إلى الإيحاء بأن المشكة هي مسيحية بالدرجة الأولى.
في قراءة المصادر نفسها، هناك عدة أسباب تدفع إلى تعزيز إمكانية الوصول إلى هذا التوافق، أبرزها عندما فتح مؤيدو فرنجية خيار البحث عن مرشح آخر، بالإضافة إلى غياب الموقف الدولي الداعم لرئيس تيار "المردة"، لكن الأهم بروز مؤشّرات على وجود رغبة خارجيّة في إنجاز الإستحقاق الرئاسي في وقت قريب، وبالتالي بات على المعارضين المبادرة إلى تقديم خيارات أخرى.
في الجهة المقابلة، تشكك مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار بإمكانية الوصول إلى تفاهم حول مرشح آخر، بين الأفرقاء المعارضين لفرنجية، في ظل غياب الثقة بين الفريقين الأساسيين، أي "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية"، لكنها تلفت إلى أنه حتى في حال حصل ذلك فإن الكرة ستكون في ملعب الأفرقاء المتردّدين، أيّ "الحزب التقدمي الإشتراكي" والنواب السنّة المستقلين، وبالتالي هذا الإتفاق لن يقود إلى إنجاز الإستحقاق الرئاسي.
على هذا الصعيد، توضح المصادر نفسها أنّ الأفرقاء المترددين ليسوا في وارد دعم أي خيار قد يتسبب بمشكلة مع أي فريق وازن، الأمر الذي كان يمنعهم من الذهاب إلى إظهار أي موقف داعم لرئيس تيار "المردة" طوال الفترة الماضية، لا بل تتحدث عن تطمينات من قبل بعضهم أنهم لن يكونوا جزءاً من هكذا مشروع، لا سيما أنه سيعني أزمة أكبر من الحالية، خصوصاً أنه يناقض أجواء التسويات القائمة على مستوى المنطقة.
في المحصّلة، تشير هذه المصادر إلى أنّ المعضلة الرئاسيّة أكبر من لعبة توازنات القوى الداخليّة، لناحية عدد الأصوات التي يستطيع كل مرشّح جمعها، نظراً إلى وجود نقطة مفصلية تكمن بلعبة النصاب التي تتطلب مشاركة غالبيّة الأفرقاء في التسوية، وهو ما لا يمكن أن يتوفر من دون غطاء دولي واضح وحاسم.