أين الخطورة في ما يُحكى، عن دمج حوالي 600 ألف سوري في المدارس اللبنانية، مع أترابهم من اللبنانيين؟... وهل تشكل خطوة الدمج، بالفعل، "خطرا داهما"؟... وما موقف المدارس الخاصة من هذه الخُطوة؟...
إن الإجابة عن هذه الأسئلة، وبخاصة السؤال الأخير، تحدد بالفعل، نوع المدرسة التي تقرر المضي في الدمج، على رغم المحاذير المثارة... وتاليا يطرح الأمر سؤالا آخر، عن نوعية الخدمة التربوية المنوي تقديمها، إلى المتعلمين السوريين، كما وإلى اللبنانيين على حد سواء!.
ومن ثم سيتم فرز المدارس، إذا ما تم المضي بقرار الدمج، إلى مستويات من حيث المردود التعليمي – الأكاديمي الذي توفره للمتعلمين. كما وقد لا يخلو الأمر مِن تنامي ظاهِرة "المدارس – الدّكاكين" في بلداتنا وقرانا!.
وإذاك، فثمة حاجة في هذا الإطار، إلى عرض موضوع الدمج، البالغ السخونة، من الزاوية التربوية ليس إلا.
وفي هذا الإطار، يمكن القول، إن المتعلمين السوريين، سيكونون "كبش محرقة"، في ما ستؤول إليه الأمور التربوية، إذا ما اعتُمد الدمج المدرسي في المدارس اللبنانية، أرسمية كانت أم خاصة...
واستنادا إلى الخبرة في مجال تدريس المتعلمين السوريين، فإن هؤلاء يفتقرون – في شكل عام - إلى المهارات التحليلية في أدائهم التعلمي، خلافا لما هي الحال، بالنسبة إلى غالبية المتعلمين اللبنانيين. وهذه المهارة يلزم لبنائها وقت طويل، فكيف يُمكن لمن لا متسع من الوقت له لاكتساب هذه المهارة، أن يبادر بها ويصل إلى الهدف التربوي – التعلمي فيها؟.
وستخلق هذه الخطوة تاليا، مُعضلة لم يتطرق أحد بعد إلى سبل حلها. فالمُتعلم بالمطلق، إذا ما اعتاد على الطريقة التلقينية، فإنه سيجد صعوبة كبيرة في الانتقال منها إلى مستوى أعلى من مستويات التفكر!.
والطريقة التلقينية تلك، إنما هي وليدة نظام تربوي. ولذا ففي اعتمادها كنظام، تُنشئ سوادا أعظم من المتعلمين التواقين حصرا إلى الحفظ غيبا والتلقين الميكانيكي. فهل المطلوب، انطلاقا من موجبات الدمج، أن تعمد وزارة التربية إلى توليف الشهادات الرسمية، لتكون نتيجة الامتحانات إيجابية على رغم الظروف غير المُسهلة لذلك؟. وعندها أي مستوى تصبح عليه الشهادة الرسمية في لبنان؟. ألا يُعد ذلك ضربا لها؟. وهُنا يتعزز أكثر دور المؤسسات التربوية التي "تنأى بنفسها" عن قرار الدمج العشوائي هذا...
إنه قرار، لا بد من أن يأخذ في الاعتبار "جمهور كل صف مدرسي: فإن تساوى العدد بين المتعلمين الأصيلين، والملحقين منهم عبر الدمج مثلا، إنخفض مستوى الصف أكثر من 50 في المئة دفعة واحدة!. و إننا لَنَستنِد في كل ما ورد أعلاه، إلى نهج تلقيني نشأ سواد أعظم من المتعلمين عليه، والذنب هُنا ليسوا هم من يتحمله.
وهي أسئلة جوهرية برسم المسؤولين التربويين الخاضعين لضغوط الدمج الدولية، وليست أبدا انطلاقا من كلام، يقلل من الاحترام الكامل لكل المتعلمين، بغض النظر عن جنسياتهم. كما وإننا لا نقول ذلك، من باب الاستخقاق – لا سمح الله – بإمكانات أي مُتعلم على الأراضي اللبنانية... كما وإننا لا نقول هذا الكلام مِن باب العُنصرية البغيضة، ونحن أبعد الناس عنها إطلاقا... لا بل إننا نُعلن الالتزام بمبدإ عدم حرمان أي مُتعلم، من الحصول على المعرفة.
غير أننا، في المقابل، مع مبدإ عدم اللعب بـ "الميزان الأكاديمي – التربوي" في لبنان، الذي هو أدق من ميزان الصائغ!.
أفَلا يكفي ما أصاب التربية مِن نكباتٍ حتى الآن، كي نزيد في طينها بلة؟...
حتى الساعة، ما زالت "هيئة الأمم"، الساعية إلى الدمج ضمن سلسلة خُطوات توطينية... تُمسك اللبنانيين باليد التي تؤلمهم!. ونقطة ع السطر.