ينتظر لبنان عودة السياح من حول العالم بعد سنوات عجاف سببها الحروب والمعارك في المنطقة، والتي أرخت بثقلها على لبنان واقتصاده، سنوات كان يُفترض أن تكون السياحة بعدها غير ما كانت عليه قبلها، فالمنافسة أصبحت أقوى من كل دول المنطقة، ومن يقف في مكانه دون تطور وتقدم ينساه التاريخ ويتخطّاه.
لم يعد لبنان البلد الوحيد الذي يقدّم أفضل أنواع الخدمات السياحية في المنطقة، وبالتالي يجب المواءمة مع الخدمة وسعرها لكي تنافس على جذب السياح، وهنا تبدأ المشكلة من أسعار تذاكر السفر، حيث يرى وزير السياحة السابق فادي عبود أن "أسعار بطاقات السفر إلى لبنان، أغلى مقارنة مع أسعار بطاقات السفر الى عمان والقاهرة واسطنبول وقبرص، حتى الى فلسطين المحتلة وهي مرتفعة جداً"، مشدداً على أن البداية يجب أن تكون من هنا، حيث بات من الضروري معالجة هذه المشكلة من خلال زيادة التنافس وليس خفض الأسعار، أيّ بمعنى آخر أن يسمح لبنان لشركات طيران جديدة ومنها المنخفضة الثمن أن تأتي إلينا، وهذا يقدم فرصة للسائح للإختيار بين الرفاهيّة أو التوفير خلال رحلته الى بيروت.
بعد تذاكر السفر يحين دور المطار لأنه من الضروري التعامل معه بطريقة مختلفة عن طريقة التعاطي مع كل مؤسسات وإدارات الدولة، وهذا يفرض أيضاً التغيير بالتعاطي مع العاملين فيه، وتحسين ظروف حياتهم ورواتبهم، وضخّ الروح فيهم لأنهم الواجهة في استقبال السياح، وبحسب عبود فإنه من الضروري الاهتمام به، أمنياً، لوجستياً، وصولاً الى الخدمات فيه، مشيراً الى أنه من الملفت للنظر اكثر أن هناك 8 آلات X_ Rayبالمطار، لكنها "ولا مرة وجدت الـ8 تعمل سويّة، بل فقط نصفهم في كل مرة".
بعد الخروج من المطار من المهم الحديث عن خدمات الفنادق وأسعارها، والمطاعم والملاهي، فرغم كل الصعوبات المتمثّلة بتضخّم الكلفة التشغيليّة علمت إدارات الفنادق أن المنافسة مع الخارج، وحتى مع الداخل حيث تكثر بيوت الضيافة والشاليهات، تحتّم عليها النظر بالأسعار التي كانت قائمة قبل الأزمة، وبحسب نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر فإن الأسعار في لبنان تنافسيّة للغاية، وفعلاً هي كذلك بحال المقارنة بين فنادق الخمس نجوم في تركيا مثلاً والفنادق المميزة في لبنان.
أما المطاعم فكان لافتاً للنظر هذا العام عودة الأسعار الى ما كانت عليه قبل الأزمة، مع العلم أن أسعار الطعام في لبنان باهظة جداً مقارنة بدول المنطقة، لكن برأي عبود فإن لبنان يضم تشكيلة واسعة من المطاعم وأسعار الخدمات فيها، ويمكن للسائح أن يختار بين المطاعم الغالية والأقل كلفة، حيث لا يزال بإمكان السائح أن يتناول وجبة لبنانية كاملة بمبلغ لا يزيد عن 30 دولاراً، ونفس الأمر بالنسبة الى الملاهي وأماكن السهر.
هناك الكثير من الأسعار التي تسمح للسائح بأن يقصد لبنان والحصول على خدمة بسعر معقول، وإذا أردنا المقارنة مع الدول الأخرى، فأسعار الخدمات في لبنان هي أسعار مقبولة، ولكن موضوع السياحة لا يقتصر على سعر بطاقات السفر فهناك عدة خدمات أخرى ومنها الكهرباء، وهذه لوحدها تزيد الكلفة بنسب كبيرة للغاية، إنما يُفترض ألا تظل الأمور سائبة تحت عنوان الاقتصاد الحر، فالقطاع الخاص معنيّ بالجلوس مع وزارة السياحة والاتفاق على استراتيجية عمل طويلة الأمد تضمن استمرار القطاع السياحي، فهل هو صيت جيّد أن تنشر المواقع العالمية المعنيّة بالأرقام أخباراً عن أن إيجارات الشقق المفروشة في بيروت أغلى منها في ميلانو الإيطالية ومدينة باتومي الجورجيّة الشهيرة؟!.