استكمالا للتفكر في خطورة في ما يُحكى، عن دمج حوالي 600 ألف سوري في المدارس اللبنانية، مع أترابهم اللبنانيين، لا يمكن إغفال الإشكالات الأمنية المُتأتية من ذلك!...
فقد تتحول أبواب المدراس، وحرم كل منها، إلى حلبات للمصارعة، تُستكمل على نحو تراجيدي، وتبقى في هذا الإطار حكومة تصريف الأعمال، واضعة الناس في مواجهة بعضهم البعض، فيما العَوز يخيم على الجميع!...
مفهوم الدمج
بداية، لا بد من الإشارة إلى أن مفهوم الدمج، لم يتم تطبيقه، إلى الآن، إلا في مجال التربية الخاصة، التي تعرف بالدمج، على اعتبار أنه "التكامل الاجتماعي والدراسي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة، والأطفال الطبيعيين في الصفوف الدراسيّة العادية.
ويكون ذلك ولو لفترة زمنية معينة من اليوم الدراسي... وبمعنى أبسط، إنما يكون في دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، في المدارس العادية، وفي الصفوف العادية، مع أقرانهم العاديين. ولكن ذلك يشترط أيضا في المُقابل، "ضرورة حصول المتعلمين، على خدمات التربية الخاصة"... كما ولا يمكن دمج المتعلمين بطريقة عشوائية... وهذا أيضا ما لم يأخذه في الاعتبار كل من يسمح بحصول الدمج عشوائيا، واعتباطيا، ولغاية في نفسٍ "أمميةٍ"!.
أنواع الدمج
كما ويغفل "أنصار" الدمج، من المسؤولين الافتراضيين، شروطا أخرى للدمج، بحسب نَوْعه... ففي الصفوف الخاصة في المدارس العادية، ينبغي توفير صفوف خاصة للطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، داخل بناء المدرسة أو المؤسسة التعليميّة، حيث تلتقي هذه الفئة مع بعضها البعض في هذه الصفوف، ويتلقون التعليم المناسب لهم على يد معلم متخصص في التربية الخاصة... وتسمى هذه الصفوف "صفوف المصادر"، مع ضرورة انتقال الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة أحيانا إلى الصفوف العادية الملائمة لأعمارهم أو معدلات ذكائهم لتلقي جزء من التعليم الأكاديمي فيها... وكذلك لإتاحة الفرصة لهم على التفاعل مع أقرانهم من الأطفال العاديين في المدرسة نفسها...
وفي "الدمج الأكاديمي"، يلتحق الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، مع أقرانهم من الأطفال العاديين، في صف واحد، طوال اليوم الدراسي، بهدف إتاحة الفرصة للأطفال ذوي صعوبات التعلم، على تلقي مختلف البرامج التعليمية بالاشتراك مع أقرانهم العاديين.
ولتحقيق ذلك، على المدرسة توفير مختلف العوامل المساعدة في إنجاح هذا الدمج، والتي تتمثل في قبول الطلاب العاديين للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصّة، ووجود معلم التربية الخاصّة بجانب معلم الصف العادي، بهدف تسهيل توصيل المعلومة لذوي الاحتياجات الخاصة...
وفي "الدمج الاجتماعي"، أو "الدمج الوظيفي"، ويقصد به دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مع غيرهم من أفراد المجتمع العاديين في المجتمع، والمحيط البيئي الذي يعيشون فيه، إضافة إلى دمجهم في النشاطات والفعاليات المجتمعية المتنوعة، لإتاحة الفرصة لذوي الاحتياجات الخاصة بممارسة حياتهم الاجتماعية والتفاعل في شكل سليم مع مَن حولهم.
وكذلك ينبغي تحضير الأطفال العاديين، وتهيئتهم نفسيا لتقبل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والتفاعل معهم في شكل طبيعي!... كما وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة نفسيا وتربويا، وتأهيل معلمي الصفوف الخاصة وتدريبهم جيدا، للعمل مع كل الحالات الخاصة التي قد تستقبلها المدرسة.
وما ينطبق على دمج ذوي الاحتياجات الخاصة بالمتعلمين العاديين، إنما ينطبق أيضا على الدمج اللبناني – السوري، تجنبا لإشكالات علائقية قد تنشأ وتُفقَد – لا سمح الله، السيطرة عليها!...
ففي بلد كلبنان، على فوهة بركان من الإشكالات على مختلف المستويات، وقد بلغ التفلت الأمني ذروته، هل يُمكن القيام بخطوة دمج تربوي "مبتكَر"، لا يمكن أبدا التكهن بنتائجه؟.
وفي لبنان حيث نَفيق على دعوة سورية إلى "صون حقوق اللاجئين"... ونغفو على أُخرى تدعوهم إلى "حق العودة وتنفيذه فورا"... ماذا ستكون نتيجة الدمج المدرسي على أرض الواقع التربوي؟.
إن هذ هذه الهواجس كلها... لا تؤخذ في الاعتبار، خلال مضي الحكومة عندنا، في "إنجاز" الدمج المدرسي بين اللبنانيين والسوريين... فهي تلقي بتبعات الخطوة على المدارس والمتعلمين وذويهم والعالم أجمع... متنصلة من المسؤولية... في حين ما زالت "هيئة الأمم"، الساعية إلى الدمج ضمن سلسلة خُطوات توطينية... تُمسك اللبنانيين باليد التي تؤلمهم!. ونقطة أُخرى "ع السطر".