في كواليس الأخذ والرد الحاصل بين إدارات المدارس الخاصة وأهالي التلاميذ، هناك ما هو أخطر بكثير من زيادة أقساط العام الدراسي المقبل 2023-2024 بالدولار الفريش وبالليرة اللبنانية.
فعلاً هناك أمر في غاية الخطورة يتناوله بعض المسؤولين في المدارس الخاصة خلال نقاشهم مسألة زيادة الأقساط مع الأهالي المعترضين.
ففي المعلومات التي حصلت عليها "النشرة"، ردّت إدارات بعض المدارس الخاصة على الأهالي المعترضين على زيادة الأقساط، على الشكل التالي:
"أشكروا ربكن إنو زِدنا الأقساط حتى نستمر، وما وافقنا على العروض والمغريات المادية يلي عم بتقدمّها السفارات الأجنبية للمدارس الخاصة".
هنا، تفاجأ الأهالي بما سمعوه، وراح البعض منهم يبحث عن تفسير لهذه المغريات التي تقدمها سفارات أجنبية لإدارات المدارس الخاصة، وفي نهاية هذا البحث كانت الصدمة. هناك سفارات أجنبية بارزة في لبنان، قدمت لبعض مدراء المدارس العرض التالي:
وافقوا على تسجيل 2500 تلميذ سوري في صفوف مدرستكم، وأقبلوا بواقع دمجهم مع التلامذة اللبنانيين، ونحن ندفع تكاليف اقساطهم، وفوقها خذوا منا 1500 قسط مدرسي كمساعدات لتلامذة لبنانيين فقد ذووهم القدرة على الإستمرار بدفع أقساطهم.
نعم هذا ما عرض على إدارات بعض المدارس الخاصة، وهذا إستعمله بعض المدراء لإبتزاز الأهالي المعترضين على زيادة الأقساط وذلك إنطلاقاً من معادلة إما أن تقبلوا بهذه الزيادة لمساعدة المدرسة على الإستمرار، وإما أن نقبل نحن بهذه المغريات التي تقدمها السفارات لينتهي الأمر بدمج أولادكم مع التلامذة السوريين.
إذا كانت هذه المعلومات المسرّبة مخترعة من قبل الإدارات ولا أساس لها من الصحة، وبهدف الضغط على الأهالي المعترضين على زيادة الأقساط نكون أمام مصيبة، وإذا كانت هذه العروض قد قدمت فعلاً من قبل بعض السفارات لإدارات المدارس الخاصة، فمصيبة أكبر.
نحن أمام مصيبة في الحالة الأولى، لأن إدارات المدارس تكون قد إستعملت الكذب لإبتزاز الأهالي، ووضعهم أمام أمر واقع لا يتجرأ أحد على الإعتراض عليه، إسمه الزيادات العشوائية للأقساط، كل ذلك في زمن جعلت ظروفه المالية والإقتصادية عدداً كبيراً من الأهالي غير قادرين على الدفع بعدما فقدت رواتبهم قيمتها. وفي الحالة الثانية، نحن أمام مصيبة أكبر، لأننا أمام غول مالي إسمه السفارات الأجنبية، وهو قادر في أي لحظة على تحقيق خرق بين إدارات المدارس، وإذا قبلت واحدة من هذه الإدارات بعملية الدمج، ما من شيء سيمنع أخرى من القبول به، كل ذلك في الوقت الذي تنصّب فيه الجهود الرسمية على كيفية وضع آلية تعيد النازحين السوريين الى بلدهم حيث إنتهت الحرب التي إنطلقت في العام 2011، ولم يعد هناك ما يخيفهم من العودة.
في أسوأ الأحوال، وفي حال قبلت إدارة أي مدرسة خاصة كاثوليكيّة كانت أم غير كاثوليكيّة بتسجيل أعداد كبيرة من التلامذة السوريين ودمجهم مع التلامذة اللبنانيين، فهي التي ستدفع الثمن غالياً "لأنو ولادنا مش سلعة"، ولأنّ الكثيرين من الأهالي سينقلون أولادهم الى مدارس أخرى لا توافق على هذا الدمج.