هي عادة باتت متداولة مع اقتراب موسم الصيف في كل سنة، مواقف عالية السقف وتهديدات وتحذيرات اسرائيلية بما ينتظر لبنان من مصير مشؤوم ستتولى القوات الاسرائيلية ايصاله اليه. ولكن، كالعادة ايضاً، تبقى هذه المواقف محدودة المصداقية، واصبحت الغاية منها معروفة وواضحة، ولم يتعرض لبنان منذ ما يقارب العقدين من الزمن لاي حرب جديدة. تختلف التفسيرات التي تبرر سبب فشل هذه الاستراتيجية التي كانت تنجح سابقاً، ولكن مصادر متابعة عددت بعض النقاط التي ترى انها كافية لتوضيح فشل هذه البروباغندا الاعلامية الاسرائيلية ضد لبنان هذه المرة، وهي:
1-لا تزال اسرائيل في وضع هش، وتراجع التظاهرات ضد رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو لا يعني بأي حال من الاحوال ان الوضع عاد الى ما كان عليه، فالنقمة الاسرائيلية على نتانياهو لا تزال حاضرة وبقوة، وهو في وضع لا يحسد عليه من الناحية السياسية، ولا يمكن في ظل هذه الظروف غير المسبوقة على الساحة الداخلية الاسرائيلية الحديث عن شن حرب على لبنان او الدخول في مثل هذه المواجهة الشاملة التي لها قواعدها وشروطها دولياً. ولا يجب ان ننسى، تضيف المصادر، ان الوضع على الجبهة العسكرية الاسرائيلية غير سليم، وهناك غضب لدى الضباط والجنود في القوات الاسرائيلية يصل الى حد "الاضراب"، لذلك من الواجب اولاً تحصين الجبهة الداخلية قبل التفكير بأيّ تحرك خارجي.
2-عرف حزب الله كيف يتقن التعامل مع الخارج بالنسبة الى لعبة المواجهة، فهو ترك للجيش اللبناني اكثر من مرة اخذ الامور على عاتقه للتصدي للاعتداءات البرية الاسرائيلية على لبنان، على عكس ما كان يقوم به سابقا، وهي استراتيجية اثبتت نجاعتها كونها تعطي الجيش دوراً يرغب الخارج في ان يراه يقوم به، ولو على حساب اسرائيل، وضمن الرعاية الدوليّة التي تعطى للجيش كونه الركن الاخير للاستقرار في لبنان ولا يمكن التفريط في التعامل معه. اضافة الى ذلك، ترى المصادر ان الحزب ابقى على عناصر قوته ظاهرة من خلال المناورة العسكرية التي قام بها منذ ايام، والمواقف التي اطلقها بعدها والتي شددت كلها على جهوزيته ومواكبته لمتطلبات المعارك والمواجهات التي قد تحصل، موجهاً رسالة بأن اطمئنانه لما يقوم به الجيش على الحدود لا يعني ان دوره انتهى.
3-زاد الاهتمام الاقليمي والدولي بلبنان في الفترة الاخيرة، وبالتالي اصبح من الصعب جداً الحصول على موافقة للدخول في متاهات حرب شاملة سيكون من الصعب جداً السيطرة عليها، فيما المنطقة ككل دخلت في اجواء جديدة مغايرة لمفهوم الحرب واستخدام القوة العسكرية، وخصوصاً في سوريا واليمن والعراق، ولم يعد من الممكن العودة الى الوراء في هذا الخصوص. وعلى الرغم من بعض التناقضات السياسية بين اوروبا والولايات المتحدة الاميركية في المنطقة وكيفية مقاربة الامور في اماكن معينة فيها، الا ان القاسم المشترك يبقى عامل الاستقرار الذي ساد بعد جهد، ومن الصعب جداً التفريط فيه من جديد. ويدرك الجميع ان لبنان نقطة اساسية في المنطقة واي شرارة تنطلق منه تهدد بإشعال فتيل الشرق الاوسط ككل، وهذا ما يتفاداه كل من له مصلحة في هذا المكان من العالم.
وعليه، يمكن الارتكاز الى هذه المعطيات وغيرها للقول بأنه من غير المرجح وغير المنطقي حصول حرب في الصيف، وان التوقع الانسب يبقى في ان لبنان سيستفيد من هذا الموسم لتعزيز وضعه مع زيادة في الحضور الخليجي على اثر السياسة الجديدة المتبعة من قبل دول الخليج وفي مقدمهم السعودية.