يقف سعر صرف الدولار، في السوق السوداء، مقابل الليرة منذ شهرين تقريباً، عند عتبة 94 ألف ليرة، الأمر الذي يضع علامات إستفهام حول كيفية ثبيته بعد أن كان يحلق صعوداً ثم يعود للانخفاض بسرعة جنونية لأكثر من 10 آلاف ليرة في اليوم الواحد، مثل "اليويو"... طبعاً لعملية التثبيت هذه كلفة شبيهة بتلك التي كانت في تسعينيات القرن الماضي، والسؤال: إلى متى يستمر هذا التثبيت، وما كلفته؟ وما مصير الدولار؟.
علامات إستفهام كثيرة وضعت حول تثبيت سعر الصرف في الأشهر الماضية. حيث يعود الخبير الاقتصادي ايلي يشوعي إلى الحقبات الماضية، ليشير إلى أن "كلفة تثبيت النقد منذ 1990 على 1515 ليرة بلغت عشرات المليارات من الدولارات"، لافتاً في نفس الوقت إلى أن "منصة صيرفة كانت إستمراراً لتثبيت سياسة النقد، ومثلما تم تثبيت سعر الصرف في 1993 على 1800 ليرة وتمّت "تقوية" الليرة لتصل إلى 1515، اليوم يثبت الدولار على 94000 و"تقوية" الليرة ليصل الدولار إلى 93000"، موضحاً أن "كلفة هذا الأمر هو التدخلات اليوميّة بسوق صيرفة، والمصرف المركزي تدخل بحوالي 200 مليون دولار لينخفض الدولار إلى 93 الف ليرة". بدوره الخبير الاقتصادي محمود جباعي يشير إلى أن "ضخ الأموال عبر صيرفة للافراد والشركات هو سبب ثبات سعر الصرف".
"لثبات سعر الصرف أيضاً عدة أسباب، أبرزها أن الضرائب تدفع 75% منها نقداً بالليرة و25% عبر الشيك"، هذا ما يؤكده جباعي لـ"النشرة"، لافتاً إلى أن "هذا الأمر ساهم في تخفيض الكتلة النقدية بالعملة الوطنية إلى 60 الف تريليون ليرة، بعدما كانت قد وصلت إلى 80 تريليون ليرة"، شارحاً أن "هذا التثبيت هو مرحلي إلى حين إنتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وبعدها نرى ما مصير منصّة صيرفة التي وإن توقفت دون أن تترافق مع اصلاحات وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، فإن سعر صرف الدولار سيحلّق"، متوقعاً أنه "من اللحظة التي يتوقف فيها العمل بمنصّة صيرفة يبدأ سعر صرف الدولار مقابل الليرة من 150 الف ليرة، ويكمل مساره صعوداً ليصل إلى 200 الف ليرة".
بالمقابل يلفت يشوعي، عبر "النشرة"، إلى أن "سياسة تثبيت الليرة أدّت إلى فقدان اللبنانيين لودائعهم، بسبب الفوائد المرتفعة التي دفعت إلى إنهيار النقد"، لكنه يشير إلى أنه "إذا أراد المسؤولون إعادة الودائع فهناك إمكانية عبر إستثمار الدولة للخدمات العامة من خلال التلزيمات، عندها يصبح لديها فائض بالموازنة، وتبدأ بتسديد ما عليها من ديون للمصرف المركزي وللمصارف، التي بدورها ستبدأ بإعادة الأموال والودائع".
إذاً، وحتى نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان من المرجح أن يبقى سعر صرف الدولار مقابل الليرة ثابتاً، ولكن الأنظار تتّجه إلى ما بعد خروج سلامة من حاكميّة مصرف لبنان، فما مصير الدولار في حينها في حال توقف منصة صيرفة؟ والأهمّ ماذا تبقى من الاحتياطي نتيجة تثبيت سعر صرف الدولار والسياسات النقدية السابقة؟!.