يريد الوزير السابق جهاد ازعور ان يكون رئيساً للجمهورية، لكنه يعرف ألاّ جدّية عند الكتل النيابية بإيصاله الى رئاسة الجمهورية. لا تزال كتلٌ تستخدم اسم أزعور في اطار الترشيح للمناورة، لتحقيق غاية واحدة لا غير: اسقاط ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية. لا يُعتبر هذا الكلام جديداً، لكن مضمونه ينطبق على كل مراحل استخدام اسم ازعور:
-أولاً، لم يبدّل رئيس التيار "الوطني الحر" النائب جبران باسيل استراتيجيته في حمل اسم المرشح المذكور والتلويح به لحزب الله: تعالوا نتفّق على مرشح ثالث وفاقي بيني وبينكم.
بالطبع، لم يُقفل باسيل اي نافذة حوله، ابقاها مفتوحة، واوحى بإقفال باب فرنجية فحسب. لكن "ثنائي الحركة والحزب" يصرّ على رئيس "المردة" أكثر من اي وقت مضى. ومن هنا جاء تدرّج باسيل في الضغط الاعلامي والسياسي على الثنائي المذكور، مستخدماً اسم ازعور، وتوافقه مع القوى المُعارضة لفرنجية، وخصوصا حزب "القوات". لكن ذلك لا يعني ان ازعور بات في حساباته مرشحاً نهائياً، بل يبقى في مساحة المناورة. تعزّز تلك المساحة، عناوينُ القلق التي تسود في صفوف تكتل "لبنان القوي" الذي شذّ عنه علناً حزب الطاشناق، وضمناً عدد من نواب "الوطني الحر" في مسألة انتخاب رئيس الجمهورية.
-ثانياً، دخل الحزب "التقدمي الاشتراكي" مجال المناورة ايضاً في الترشيح نفسه، رغم انه لا يمانع سياسياً وصول ازعور، بإعتبار انه المرشح الأقل تأثيراً سياسياً في ملاعب الطوائف وحساباتها السلطوية. وهو ما يُقلّل من مساحات النفوذ والتأثير الماروني في السلطة، اذا وصل ازعور، خصوصاً بعد تجربة "الرئيس القوي" في بعبدا. لكن "التقدمي" الذي يفهم ابعاد اللعبة السياسية، يترقّب ويناور. الا اذا كان تنحّي رئيس الحزب وليد جنبلاط عن الزعامة الدرزية لصالح نجله النائب تيمور يُدخل "الاشتراكي" في مسارات جديدة تخلع الماضي بكل مقاييسه.
-ثالثاً، يدرك حزب "القوات" ان باسيل لا يشاكس "حزب الله" في لعبة سياسية رئاسية ليست عابرة ولا عادية. لكن "الحكيم" قدّم كل اوراقه وعاد الى بيت الطاعة امام باسيل، فقط لتحقيق هدفين "ليسا نظيفين": من جهة يريد ان يُحرج "الوطني الحر" شعبياً، وتحديداً مسيحياً، بتبنّيه ازعور. ومن جهة ثانية، هي الاخطر، يريد جعجع ان يحصل طلاق بين باسيل و"حزب الله" بشكل غير رجعي، وانفصال ابدي نهائي، يستفيد منه "الحكيم" في اي محطة انتخابية وسياسية آتية، حيث سيتفرّد بالتيار البرتقالي الذي سيكون دون حليف وازن.
-رابعاً، لا يزال نواب "التغيير" يجرون اجتماعاتهم وتقييم خطوات ازعور، لكن تلك الشكليات في الوقت الضائع، لأن معظم هؤلاء النواب يرفضون انتخاب ازعور، علماً ان بعضهم يتواصل مع قوى سياسية سراً بشأن مرشحين اخرين.
بالمقابل، إنّ ترشيح ازعور لا يحظى على بركة الطوائف اللبنانية، خصوصاً في الساحة الاسلامية، مما يجعل خطوات ترشيحه الاعلامية تصب ايضا في اطار المناورة.
وتتحدث مصادر مطّلعة في جلساتها عن "عدم جد الجد بعد". وعندما يجدّ الجد، ستغيب المناورات وتحضر الخطوات العملية، بدءاً من تحديد جلسة الانتخاب، وتتضح حينها ان لعبة العد حالياً لا قيمة لها. فالأفضل ان يتوقّف الاحتساب: اوقفوا العد. عباس ضاهر