على وقع التّطوّرات المستجدّة على خطّ الاستحقاق الرّئاسي، لفتت صحيفة "الجمهوريّة" إلى أنّ "خلافاً لكل ما يُعلن ويُشاع، لم يَرق الوزير السابق جهاد أزعور الى مرتبة المرشح الموحد لـ"التيار الوطني الحر" وقوى المعارضة بكل تلاوينها، إذ جاء ترشيحه مقتصراً على 32 نائباً من المعارضة، ما جعلَ أمره مُنطوياً على تناقضات والتباسات كثيرة، ما يشير الى ان الارباك ما زال سيّد الموقف في ساحة المعارضين لترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية؛ الذي ما يزال المرشح الجدي والثابت الوحيد على حلبة السباق الرئاسي".
وأوضحت أنّه "يستدلّ الى الارباك في صفوف معارضي فرنجية، من الموقف الذي اعلنه رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل من جبيل مساء السبت، حيث قال: "أصبح من المعروف أنّنا تقاطَعنا مع كتل نيابية أخرى على اسم أزعور من بين اسماء أخرى اعتبرناها مناسبة، وهم اختاروا واحدًا منها، وهذا أمر مهم"، مشيرًا إلى أنّ "التقاطع على اسم هو أمر مهم لكنه لا يكفي لانتخاب الرئيس، لأنه يجب الاتفاق مع الفريق الآخر". وأكّد "أننا نريد رئيسًا لا أحدّ يفرضه علينا، ولكن لا نفرض على أحد رئيس، وهذه معادلة الشراكة الوطنية. تفاهم اللبنانيين وتوافقهم على الرئيس، والبرنامج هو الحل".
وركّزت الصّحيفة على أنّه "فيما أعلن النائب ميشال معوض سحب ترشيحه لمصلحة التقاطع مع المعارضة على اسم ازعور، فإنه لم يعلن صراحة تأييده. فيما انبرى النائب مارك ضو الى الاعلان باسم 32 نائباً معارضاً تأييدهم ترشيح ازعور، في حين قرّر "اللقاء الديمقراطي" الاجتماع الثلاثاء المقبل لتحديد موقفه".
وذكرت أنّ "في غضون ذلك، بدأ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، العائِد من الفاتيكان وباريس، تحرّكاً في اتجاه القيادات والمرجعيات السياسية، في محاولةٍ منه لتسريع الخطى في اتجاه انجاز الاستحقاق الرئاسي، بالاستناد الى تشجيع فرنسي وفاتيكاني. فالتقى فرنجية وباسيل، كلّ على حدة، وتعذّر عليه اللقاء مع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لأسباب أمنية حسبما تردد، وأوفدَ المطران بولس عبد الساتر الى الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله".
وأشارت إلى أنّه "يُنتظر ان يلتقى عبد الساتر رئيس مجلس النواب نبيه بري في الساعات المقبلة". وأفادت مصادر تُواكِب حراك الموفد البطريركي لـ"الجمهورية"، بأنّ "الخطوة التي بدأها عبد الساتر بزيارة الضاحية الجنوبية كما وعد بذلك، هي لمواكبة المرحلة التي تَلت ترشيح ازعور، ولإجراء المقاربة الضرورية التي فرضتها الخطوة، بعدما توافرت كل عناصر "المواجهة الديمقراطية" بوجود مرشحين اثنين يتمتعان بالجدية المطلقة، والتي لا تخضع لأي تشكيك من اي جهة كانت. وهو امر طارئ يستدعي التفكير بأيّ خطوة مقبلة أياً كان شكلها، سواء سعت الى البحث عن توافق، أو طرح مزيد من الأسماء من لوائح أخرى يجري التداول في شأنها على اكثر من مستوى".
بري والقرار المناسب
أكّدت مصادر قريبة من عين التينة لـ"الجمهورية"، أنّ "بري سيتخذ القرار المناسب، تبعاً للتطورات المستجدة في الملف الرئاسي"، مبيّنةً أنه "قد يدعو الى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية قريباً، وان ليس وارداً أن يعود "الثنائي الشيعي" الى استخدام الأوراق البيض، في ظل تمسّكه بدعم ترشيح سليمان فرنجية".
لكنّ اوساطاً سياسية اعتبرت ان "موقف "الثنائي" بات صعباً"، ورأت أن "بري لا يستطيع من جهة الاستمرار في عدم الدعوة إلى جلسة انتخابية بعد ترشيح المعارضة و"التيار" لأزعور، ولا يَستسهِل من جهة أخرى أن يغامر بعقد جلسة قد يتفوّق أزعور في دورتها الأولى على فرنجية، الأمر الذي سينعكس سلباً على قوة ترشيح رئيس تيار "المردة"، إضافة إلى انّ فَرط النصاب في الجلسة الثانية، سيعزّز حملة المعارضة التي تتهم "حزب الله" وحركة "أمل" بتعطيل الاستحقاق الرئاسي".
ولفتت إلى أنّ "الكباش الرئاسي سيشتد في المرحلة المقبلة"، مشدّدةً على أنّ "انتخاب رئيس الجمهورية لن يتم في نهاية المطاف إلّا بالتفاهم والتوافق، وترشيح أزعور من شأنه ان يرفع منسوب التحدي والمواجهة وليس العكس".
سفر جنبلاط يزعج بري... ونصرالله أبلغ الراعي التمسك بفرنجية | اكتمال ترشيح أزعور... والمعركة على أصوات المترددين
في السّياق الرّئاسي نفسه، ركّزت صحيفة "الأخبار" على أنّ "بين السبت والأحد، اكتمل ترشيح باسيل وبقية قوى المعارضة لجهاد أزعور إلى رئاسة الجمهورية. ولا يزال أزعور يجري مشاورات داخلية وخارجية قبل إعلان موقفه، خصوصاً أنه يؤثر على ما يبدو موقعه الوظيفي الحالي في صندوق النقد الدولي. ولم يعرف ما إذا كان في صدد الحضور إلى لبنان سريعاً، أم أنه سيستكمل لقاءاته مع النواب من خلال التواصل الهاتفي".
وذكرت أنّ "مع اكتمال المرحلة الأولى من الترشيحات الداخلية، عادت الأنظار لتتجه إلى الخارج، إذ تتحدث مصادر مطلعة عن احتمال حصول تبدلات في مواقف أفرقاء اللقاء الخماسي الخاص بلبنان، مع التركيز على الموقف الأميركي الذي يقول داعمو أزعور إنه يصب في جانبهم، وإن واشنطن ستجد طريقة مع الرياض للتدخل لمصلحته، وهي معطيات عبّر بري عن خشيته منها أمام زواره أمس، مشيراً إلى تلقيه معطيات عن نية جهات إقليمية ودولية التدخل لدى النواب المتردّدين لإقناعهم بالتصويت لمصلحة أزعور".
وأوضحت الصّحيفة، أنّ "مع ذلك، يراهن الجانبان على الموقف الفرنسي، الذي لم يشهد تغيراً نوعياً. وقالت مصادر مطلعة إن باريس لا تزال عند موقفها، وإنها بعد إعلان كتل نيابية ترشيحها لأزعور، "تدعو الجميع إلى تهدئة الجبهات".
وأكّدت أنّ "الجميع يراقب موقف نواب وليد جنبلاط، الذين يعقدون غداً اجتماعاً. وإلى جانب بند دعم أزعور، يناقش النواب فكرة تأخير إعلان الموقف، لترك الأبواب مفتوحة أمام توافق وطن"، منوّهةً إلى أنّه "كان لافتاً إعلان النائب هادي أبو الحسن مساء أمس، أن الكتلة ستصوّت لمصلحة أزعور، كما أعلن النائب ميشال ضاهر الموقف نفسه. أما بقية النواب المستقلين، وخصوصاً نواب "كتلة التغيير"، فقد انقسموا بين مؤيدين (حضروا في منزل ميشال معوض) ورافضين (حليمة القعقور وسينتيا زرازير وفراس حمدان)، وبين من يدرسون الموقف (بولا يعقوبيان وملحم خلف ونجاة صليبا والياس جرادة وإبراهيم منيمنة)".
وتابعت: "إلى ذلك، واصلت القوى الداعمة لترشيح فرنجية اتصالاتها لاحتواء الموجة الجديدة. وبدا أن الكل ينتظر قرار رئيس مجلس النواب من دعوة مجلس النواب إلى الانعقاد سريعاً. وهو أعلن أنه ينتظر اكتمال الكتل لمواقفها قبل الدعوة. لكنّ المعارضين أبدوا خشية من لجوء بري إلى "حيل" تجعله يؤخر موعد الجلسة، من أجل العمل على تحصيل عدد إضافي من النواب المؤيدين لفرنجية".
كما أشارت "الأخبار" إلى أنّه "أياً يكن الأمر، فإن بري و"حزب الله" وآخرين باتوا ينظرون إلى أزعور على أنه مرشح مواجهة وتحدّ، وأن هدف داعميه ينحصر بإطاحة بفرنجية"، مبيّنةً أنّ "مصادر هذا الفريق أكّدت أن المعارضة مخطئة في حساباتها، فلا تراجع عن فرنجية بأي شكل من الأشكال، وسنخوض معركته كما خضنا معركة رئيس الجمهورية السابق ميشال عون حتى النهاية، ولن نقبل بأن يمر أزعور الذي أتى إلينا بداية وعرض نفسه كرئيس جمهورية توافقي، وها هو اليوم تحوّل إلى مرشح تحد".
وأضافت المصادر ان "سيناريو معوض في مجلس النواب سيتكرر، وحتى إن عُقِدت الجلسة لن يكون هناك نصاب، مرة واثنتين وثلاثاً، وستعود الأمور إلى الستاتيكو السلبي»"، معتبرةً أن "باسيل صارَ في المقلب الآخر، وكل محاولاته للعب على الألفاظ لم تعد تجدي نفعاً، فليفعل ما يريد أما نحن فلن نتراجع".
وكشفت الصّحيفة أنّ "الخشية المستجدة لدى بري، تتمثل في تبلّغه بقرار جنبلاط السفر إلى فرنسا لتمضية إجازة قد تمتد نحو عشرة أيام، وأنه سيترك الأمر لإدارة نجله النائب تيمور جنبلاط. وفسّر بري الخطوة بأنها "هروب من الإحراج تجاهه شخصياً".
وأفادت بأنّ "أمّا حزب الله، فقد تولى أمينه العام السيد حسن نصرالله إبلاغ موقفه للموفد البطريركي المطران بولس عبد الساتر، فأكد له التمسك بترشيح فرنجية، وعدم الاستعداد للبحث في سحب ترشيحه، مجدداً عرضه لهواجس الفريق الذي يمثل إزاء مواصفات الرئيس المقبل. وسمع نصرالله من عبد الساتر عرضاً لنتائج زيارة الراعي لروما وباريس، وعرضه فتح الحوار من جديد للتفاهم على توافق، لا أن يكون الرئيس المقبل عنوان صدام مع فئة من اللبنانيين ضد أخرى".