يشتعل السباق بين الأجهزة الامنية والمجرمين، فرغم كل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه الاجهزة والذي ينعكس بطبيعة الحال على اداء العناصر الذين يحملون الى جانب همّ عملهم، همّ تأمين لقمة العيش لعوائلهم، لا تزال الأجهزة الأمنيّة تسجل الإنجاز تلو الآخر في الأداء والسرعة والدقة، وآخر هذه الإنجازات ما قامت به شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي.
خلال فترة أقل من أسبوعين كانت كفيلة بالقبض على عصابة لصوص أقدمت على تنفيذ سرقات واسعة النطاق، طالت كابلات التوتّر العالي الرئيسيّة وكابلات الإنارة وأنظمة التأريض وخزائن التحكّم ومضخّات المياه، داخل أنفاق منطقة الوسط التجاري في بيروت، ابتداءً من جسر فؤاد شهاب مروراً بشارع المصارف ومحطّة التحويل الرئيسية "كومرسيال"، وصولا الى بنك سوريا ولبنان ومن ثم القاعدة البحرية الى مدخل المرفأ بالقرب من بيت الكتائب، ومن محطّة "كومرسيال" الى "ستاركو".
لم يكن عمل عصابة السرقة هذه منفرداً، لأنها تحتاج الى مكان لبيع المسروقات، وهنا كان يلعب "اللبنانيون" أصحاب بؤر الخردة دورهم، وتكشف المصادر أنّ الأدوار كانت متكاملة ومترابطة، بمعنى أنّ التحقيقات التي انطلقت منذ فترة طويلة بخصوص سرقة كابلات الكهرباء والتمديدات النحاسية، كانت تُظهر دائماً استعانة اللبنانيين بسوريين لتنفيذ الأعمال المخلّة بالقانون، تماما كما يجري في ملف ترويج المخدّرات حيث بات العدد الاكبر من المروّجين، من الجنسيّة السوريّة، يعملون تحت إمرة تجار مخدّرات لبنانيين.
تؤكّد المصادر أنّ إنجاز شعبة المعلومات هو بالسرعة، والأهم بحجم ما كُشف، فالمسألة ليست سرقة كابلات كهرباء لبنان في خراج بلدة ما، بل عصابة منظّمة مرتبطة بتجّار خردة يعملون على الشراء من السارقين والتصدير الى الخارج.
تمكنت الشعبة من ملاحقة الخيوط وترجمتها خلال 24 ساعة، تقول المصادر، مشيرة الى أن كل الموقوفين الذين هم أعضاء العصابة والرأس المدبّر لها، وعددهم 10، من التابعيّة السوريّة، والأخطر أن قائد العصابة شاب لا يتجاوز عمره الـ23 عاماً، وما نفّذه من سرقات للنحاس، ليست التجربة الأولى له في عالم الإجرام والسرقة.
تُشير المصادر الى أن من بين الموقوفين 5 من أصل 10، أعمارهم لا تتجاوز العشرين عاماً، و2 فقط من أصل 10 أعمارهم تفوق الـ25 عاماً، و3 بين الـ20 والـ25 عاماً، مشدّدة على أن الموقوفين الذين لا تتجاوز اعمارهم الـ20 عاماً، عاشوا مراهقتهم في لبنان، وهذه الأعمار باتت تُلاحظ في كثير من التوقيفات المتعلقة بسوريين، كما بلبنانيين، لكن الإضاءة على المجتمع السوري مهمّة، للحديث عن المستقبل، وبالتالي تخلق تساؤلات كبيرة وأساسيّة حول التربية والتعليم التي تلقّاها هؤلاء خلال نزوحهم الى لبنان، ودور المنظّمات الدوليّة التي ترعى وجودهم وتعليمهم، وأيضاً تساؤلات حول دور الدولة اللبنانيّة وأجهزتها الأمنيّة والقضائيّة والتربويّة، وأبناء البيئة في لبنان الذين يمهّدون الطريق لخروج هؤلاء عن القانون.