أدّى انتقاد المعارضة لتقاطعها مع التيار الوطني الحرّ على مرشّح رئاسي ضمن اللائحة التوافقية التي تدعمها الكنيسة المارونية، أولًا إلى تبدّل في ميزان القوى النيابي الداخلي لمصلحة المتفقين على تقاطع وصول المرشح الوزير السابق جهاد أزعور إلى سدة الرئاسة، وأدّى ثانيًا إلى تبدّل الموقف الخارجي وتحديدًا لرباعية واشنطن الفاتيكان باريس والرياض، وتُرجم هذا التبدّل من خلال انتقال الملف اللبناني في الإدارة الفرنسيّة من يد دبلوماسي إلى يد دبلوماسي آخر أعلى رتبة وخبرة. وهذا يؤشّر إلى تراجع المبادرة الفرنسية السابقة، أيّ إيصال زعيم "تيار المردة" سليمان فرنجية ودعم التوافق الذي ترعاه أو تطالب به وتنشده بكركي. وهذا التقاطع الذي أفرح قلب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، أكثر من إسم المرشح المتفق عليه، لأنّ الهم لديه هو الإتفاق حول مرشّح وليس مَن هو المرشّح، أدّى الى وقوف الكنيسة مع ما كانت تسعى إليه في مرحلة سابقة لجهة الوصول الى رئيس لا يحمل صفة الغالب والمغلوب، أي أن هذا التقاطع بات يحظى بغطاء كنسي بمرجعية روحية مسيحية، وبات يحظى بتأييد خارجي، لأنّه من خارج الإصطفاف ويدفع باتجاه إنهاء الشغور، وبات يحظى أيضًا، بدفع داخلي، وقد تُرجم في الأيام الماضية بتأييد "اللقاء الديمقراطي" له في مؤشر يشكّل كرة ثلج لتأييد كتل أخرى وبعض النواب المستقلّين والمتردّدين، من منطلق أنّه لا يجوز أن يبقى بعض النواب وبعض الكتل على الحياد بهذه المرحلة الصعبة التي يعيشها لبنان واللبنانيون، بما يمدّد الجمود والإنهيار، فيما المطلوب اليوم وفي هذه المرحلة الصعبة من تاريخ لبنان وبقائه، حسم المواقف والخيارات لإنهاء الشغور والذهاب إلى رحلة الألف ميل لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها التي انهارت مقوماتها منذ أربع سنوات.
الوضعية اليوم هي متمدّدة لمصلحة جهاد أزعور في ظلّ وضعية تعدّدية نيّابية وطنيّة تجسّد طبيعة الإجتماع السياسي المؤيّدة لمن أخذ اجازة من منصبه في صندوق النقد الدولي ليتابع عن قرب تقريب المترددين إليه وأيضًا، في ظلّ وضعيّة مسيحية تمثيليّة، إنطلاقًا من الموقع الأول للمسيحيين في الجمهورية اللبنانية.
كل هذه الوقائع لا بدّ أنها تشكّل دينامية رئاسيّة متجدّدة لإنهاء الشغور الرئاسي والذهاب إلى إعادة بناء الدولة وحماية الوطن. والتقاطع حول أزعور بدأ يسجّل أهدفًا بالنّقاط ولا شكّ أنّ الضربة القاضية بإنهاء الشغور باتت قريبة وقريبة جدًا.