لا يُمكن لأحد أن ينكر أن لبنان ما بعد خروج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من الحاكميّة لن يكون كما قبله وسواء أحببناه أم لا أو كنا راضين عن أدائه أم لا، فإن مرحلة ما بعد إدارته هي حتماً "حسّاسة جداً" فوجوده في منصبه إرتبط بعدّة أمور أولها الليرة... فالرجل الآتي الى منصبه منذ 1993 يعرف جيّدا "زواريب المصرف المركزي" بأدقّ تفاصيلها.
لا نقول كلّ هذا الكلام من باب "المديح" لسلامة أو التأكيد على دوره بل من باب الاضاءة على خطورة المرحلة التي ستلي وجوده على رأس حاكمية مصرف لبنان. فالنائب الاول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري ولو أنه ليس آت من مكان آخر الى مصرف لبنان فجأة ولو أنه عايش رياض سلامة إلا أن الاكيد أنه وفي حال لم يعط رياض وسيم منصوري الدكتور في القانون "الوصفة" فإننا حتماً ذاهبون الى المجهول، على حدّ تعبير مصادر مطلعة.
"وإذا كان هناك تسهيلات فإنّه بأقل تقدير فإن 3 الى 4 أشهر القادمة يُمكن ألا تشهد تغيراً جذرياً بسعر صرف الدولار مقابل الليرة". هذا ما تراه المصادر، وتلفت عبر "النشرة" في المقابل الى أنّ "مشكلة ستعترض منصوري، ففي السنوات الثلاث الماضية، كانت الدولة أو الحكومة تتموّل من مصرف لبنان، وبداية الأمر كان التمويل من الإحتياطي، وعندما خفّ أصبح يؤمّن الدولارات من السوق، واليوم هناك معضلة أساسية الا وهي تأمين التمويل من السوق السوداء مع المحافظة على عدم ارتفاع سعر صرف الدولار... فما الحلّ"؟.
مصرف لبنان يقوم يومياً بما لا يقلّ عن مئة ألف عملية، والسؤال "كيف سيتمكن منصوري من التعامل مع هذا الكمّ من العمليات في وضع تمرّ فيه البلاد بأزمة حقيقية؟ ربما بحسب المصادر الامر يحتاج الى مواكبة سلامة لمنصوري، وحتى الساعة المؤشرات والآفاق إيجابية لاتمام هذا التعاون. وتلفت المصادر الى أنه "أصبح هناك آلية سمحت بامتصاص الليرة من الأسواق وأدّت الى استقرار سعر الصرف وهذا دليل على أنّ الاليّة تسير بالاتّجاه الصحيح، إضافة الى ذلك هناك موسم سياحي واعد أيّ أن الدولارات ستدخل الى الأسواق"، مؤكدةً أن "هذه جميعها مؤشرات إيجابية الى أن الفترة المقبلة لعدة أشهر ستكون هادئة على الصعيد النقدي ولن تشهد "جنوناً" في ارتفاع سعر صرف الدولار".
في المقابل هناك تحديّات عدّة للمحافظة على هذا الاستقرار، أولها عدم حصول أي حدث أمني أو مواجهة أمنيّة بين الفريقين المتنافسين في السياسة حالياً. وهنا تشير المصادر الى أن "إنتقال المواجهة السياسية الى مواجهة أمنيّة يعني عدم قدوم السياح وبالتالي عدم دخول الدولارات الى البلاد"، لافتة الى أنّ "التحدّي الثاني يكمن في تمويل القطاع العام، فإذا بقيت الحكومة عاجزة عن تأمين التمويل فإنّ الاضرابات ستستمرّ وبالتالي ستلجأ الحكومة حتماً الى زيادة الأجور لإغراء الموظفين وهذا الأمر يعني زيادة الدفع للقطاع العام"، مؤكدة على "وجود "خطورة من ناحية ادارة ملف القطاع العام".
في المحصّلة إذا بقينا كما نحن الآن وسلامة ساعد منصوري والحكومة لم تلجأ الى رفع الأجور، كم تستطيع أن تستمرّ الدولة؟ ربما أشهر معدودة، فالدولة لم تعد قادرة على دفع الأموال، والرواتب لا تكفي الموظفين ليعملوا كما يجب، وإذا لم يواظبوا على العمل فلا ايرادات للدولة!.