يشعر اللبنانيون، مع مرور السنوات الماضية، بالتغيّر الحقيقي للمناخ. في الواقع درجات الحرارة تغيّرت فعلياً حتى تقسيم الفصول، وعندما نبحث عن السبب الحقيقي نجد أن ذلك بسبب التغييرات في نشاط الشمس، وربما بسبب الأنشطة البشريّة التي تعتبر مؤخراً إحدى أبرز العوامل التي أدّت إلى هذا التغيير.
على مرّ القرون الماضية، لجأ الإنسان إلى حرق الوقود، مثل الفحم والغاز والنفط، وينتج عن ذلك انبعاثات غازات تسبب الاحتباس الحراري، التي تعمل مثل غطاء يلفّ الأرض، يؤدي إلى إحتباس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.
هناك مفهوم خاطئ يقوم على أن تغيّر المناخ يعني أساسًا ارتفاع درجات الحرارة، لكن في الحقيقة ارتفاع درجة الحرارة ليس سوى بداية القصّة، نظرًا لأن الأرض عبارة عن نظام، حيث كل شيء متّصل، فالتغييرات في منطقة واحدة يمكن أن تؤثر على مناطق عدّة. وتشمل عواقب تغير المناخ الآن، من بين أمور أخرى، الجفاف الشديد، وندرة المياه، والحرائق الشديدة، وارتفاع مستويات سطح البحار، والفيضانات، وذوبان الجليد القطبي، والعواصف الكارثيّة، وتدهور التنوع البيولوجي.
في لبنان لا يختلف الأمر كثيراً، فقد نظنّ أنّ تغيّر المناخ أدّى الى بدء إختفاء الفصول الأربعة، إلا أنّ هذا الأمر ليس صحيحاً، فلا زلنا نشعر بها. وهذا ما يؤكده مدير برنامج التغيّر المناخي والبيئة في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الاميركية البرفيسور نديم فرجالله، الذي يشدّد على أن "ما يحصل فعلياً اليوم هو تغيّر تدريجي في المناخ ويظهر معنا تغيير بدرجات الحرارة".
يشرح البرفسور فرجالله عن دراسة أجريت في الجامعة الاميركيّة، أظهرت ارتفاع 3 درجات للحرارة في بيروت Minimum Temperature، من العام 1874 ولغاية 2016، وMaximum Temperature ارتفعت بحدود الدرجة، وقمنا بدراسة أخرى وجدنا أن درجات الحرارة معدّلها ارتفع، ما الّذي يحصل وما هو معناه؟.
"زيادة درجات الحرارة يؤثّر عملياً على المتساقطات الثلجيّة وبالتالي على تخزين المياه الجوفية". هنا يشير فرجالله إلى أن "تساقط الثلوج هام وعندما يذوب تدريجياً يعتبر من المؤشّرات الجيّدة لأنه يغطي مساحة كبيرة"، لافتاً إلى أن "ما يحصل اليوم هو أن تساقط الثلوج و"تشقّعه" يرتفع، فبعد أن كان مثلاً على علو 800 متر أصبح اليوم أعلى، فهذا يعني ان المناطق المغطّاة بالثلوج وكمّية المياه الجوفيّة هي أقلّ، وقدرتنا على تخزين المياه الجوفية ستخفّ وتلك المخزّنة حكما منذ مئات السنين ستذهب او ستتبخر".
وأكد فرجالله أن "توقعات هطول المطر ستخفّ من 20 إلى 40% وكذلك الثلوج، وهذا كله بدأ حصوله من يومنا هذا الى نهاية القرن الحالي"، مشدداً في نفس الوقت على "ضرورة القيام بسياسات مثل بناء السدود التي تعتبر حلاً يجب التفكير فيه، لأنها تساعد على تخزين المياه السطحيّة وكذلك تغذية المياه الجوفية".
من هنا، يجب البدء بوضع استراتيجيّات للتعامل مع تغير المناخ مستقبلاً.