منذ إنتهاء زيارته الأولى، ينتظر الأفرقاء اللبنانيون ما سيعود به المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في زيارته الثانية إلى بيروت، التي من المقرر أن تحصل في الأسبوع المقبل، في ظل تسليمهم بعدم القدرة على إنتاج حل داخلي يقود إلى إنهاء الشغور الرئاسي، بسبب الخلافات العميقة فيما بينهم، بالإضافة إلى إنعدام فرص الحوار المحلي.
ما تقدم، يدفع إلى السؤال عما تغير في الظروف المحيطة بالزيارتين، حيث بات من الواضح أن الأمور لا تزال على حالها، خصوصاً بالنسبة إلى تمسك كل فريق بوجهة نظره، في حين لا تزال غالبية القوى الخارجية المؤثرة تحرص على عدم الغرق في المستنقع اللبناني، باستثناء الجانب الفرنسي الذي يجهد للوصول إلى حل قريب.
على الرغم من ذلك، ترى مصادر نيابيّة، عبر "النشرة"، ضرورة التوقف عند بعض التطورات الجانبية، أبرزها أن الزيارة الثانية ستأتي بالتزامن مع إنعقاد اللجنة الخماسية (تضم ممثلين عن فرنسا والسعودية وأميركا وقطر ومصر)، الأمر الذي يوحي بإمكانية أن تكون الزيارة مدعمة بتطور ما على مستوى تلك الدول، لكنها تشير إلى أن ذلك لن يكون حاسماً، طالما أن هناك جهة مؤثرة لم تدخل على الخط، أي إيران.
بالإضافة إلى ما تقدم، تتوقف هذه المصادر عند المعلومات التي تتحدث عن أن الطرح، الذي يحمله المبعوث الرئاسي الفرنسي، هو رعاية حوار بين الأفرقاء اللبنانيين، حيث تلفت إلى أنه على الرغم من أهمية فتح قنوات التواصل المباشرة بينهم، إلا أن الأساس يبقى في رغبتهم بتقديم تنازلات، الأمر الذي يبدو ممكناً، في المرحلة الراهنة، نظراً إلى تمسك كل جهة بمواقفها، سواء القوى الداعمة لترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية أو الرافضة له.
في الأيام الماضية، كانت القوى المحلية قد ذهبت إلى توضيح موقفها من بعض النقاط الأساسية، أبرزها البحث في إمكانية إدخال تعديلات على إتفاق الطائف، حيث كان من الواضح أن الغالبية تريد أن تحسم هذه المسألة مسبقاً، لناحية عدم الرغبة في تطرق بنود أي حوار إلى هذه المسألة، خوفاً من التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك، لا سيما لناحية الحؤول دون حصول هذا الحوار في الأصل.
في قراءة أوساط سياسية متابعة، ما تقدم لا ينفصل عن إعلان رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، أول من أمس، عن معاودة التحاور مع "حزب الله" بذهنية إيجاد حل من دون فرض شروط مسبقة، حيث في تفاصيل هذا الإعلان ما يوحي بأن ليس هناك ما يمكن التعويل عليه بالنسبة إلى أصل الخلاف بينهما، أي الموقف من الإستحقاق الرئاسي، نظراً إلى أن كل منهما لا يزال يراهن على إقناع الآخر بوجهة نظره.
وتشير هذه الأوساط، عبر "النشرة"، إلى أن أقصى ما يمكن الرهان عليه، في ظلّ المعطيات الحالية، هو منع تدحرج الأمور إلى المزيد من التصعيد في الفترة المقبلة، من خلال حوار تكون وظيفته الرئيسيّة ضبط سقف المواجهة، في ظلّ تزاحم الملفات المحلية التي قد تقود إلى التصعيد، ما يفرض على الجميع التواضع في الرهانات التي يضعونها، بإنتظار حصول تحول كبير يكون له تداعياته المباشرة على الملف اللبناني.
في المحصّلة، ترى الأوساط نفسها أنّ النقطة الإيجابيّة الوحيدة، التي من الممكن الحديث عنها، تكمن في العودة الأميركيّة إلى الواجهة، من بوابة التطورات على مستوى الجبهة الجنوبية، لكنها في المقابل تطرح الكثير من علامات الإستفهام، حول ما إذا كان من الممكن أن يكون لذلك تداعيات على الملف الرئاسي، لا سيما أن ذلك لم يحصل بعد الوصول إلى إتفاق ترسيم الحدود البحرية قبل أشهر.