شهدت الاشهر الماضية خلافات بين حليفين: التيار "الوطني الحر" و"حزب الله" بشأن مقاربة ملف انتخابات رئاسة الجمهورية. كان رئيس التيار النائب جبران باسيل في البداية يودّ ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، فلم يسمع قبولاً، ولم يلمس أيّ استعداد عند الحزب لتكرار تجربة تبني الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله ترشيح رئيس "الوطني الحر" آنذاك العماد ميشال عون، الذي صار رئيساً للجمهورية، بفضل تصلّب الحزب في التمسك به مرشحاً للرئاسة الاولى في لبنان، مما فرض اقناع الآخرين.
هنا بدأ التوتر في العلاقات بين الفريقين، لكنه بقي مستوراً ومضبوطاً، الى ان اطلّ تبنّي ثنائي حركة "امل" و"حزب الله" ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية لإنتخابات رئاسة الجمهورية، مما ادى الى اظهار الخلاف المستتر الى العلن. يومها رفع باسيل عنوان ابعاد فرنجية عن اللعبة: طالب "حزبَ الله" بالتخلي عن ترشيح رئيس "المردة" قبل الدخول بأي حوار رئاسي، فرفض الحزب طلب باسيل.
حصل ذلك في لقاء امين عام الحزب المذكور مع رئيس التيار البرتقالي، وفي اجتماع ايضا بين مسؤوليْن في الحزب: حسين الخليل ووفيق صفا مع باسيل، الذي قال بشكل واضح لهما: اسحبوا تبني ترشيح فرنجية كي نتفق على اسم مرشح ثالث، فقالا له: فليكن اسم فرنجية الى جانب اسماء مرشحيك كي نتحاور حول اختيار اسم من بينهم، فرفض باسيل ادراج اسم رئيس "المردة". وهكذا تباعد الفريقان الى حدود التزام "الوطني الحر" بمرشح آخر هو الوزير السابق جهاد ازعور، الذي لا يقبل به الحزب، وخاض باسيل معركة سياسية ضد فرنجية من اجل أن يحصل مرشحه على اكثرية نصف النواب، كي يفاوض "حزب الله" من موقع قوي لفرض شرطه في ابعاد رئيس "المردة". ولتحقيق غايته تقرّب باسيل من خصومه السياسيين: "القوات" و"الكتائب" ونواب يشكّلون رأس حربة سياسية ضد "حزب الله".
رغم ذلك، فشل باسيل في رهانه الإنتخابي، ولم ينل مرشحه ستين صوتاً، ثم وجد ان جمهوري الفريقين(التيار والحزب) يتبادلان اشرس المعارك الاعلاميّة ضد بعضهما على وسائل التواصل الاجتماعي، الامر الذي يضعه في موقع الخصومة السياسية الحادة ضد حليفه.
وهكذا عاد باسيل الى مربّع حارة حريك: عدم اعتراضه على إدراج "حزب الله" اسم فرنجيّة الى جانب اسماء آخرين، وبالتالي سقوط شرطه استبعاد رئيس "المردة" عن لائحة الحزب، كي يتواصل معهم في شأن انتخابات الرئاسة. هذا لا يعني ان باسيل سيقبل بإنتخاب فرنجيّة رئيساً للجمهورية، بل هو إقتناع بوجهة نظرة حليفه ان يكون فرنجية كما غيره على لائحة النقاش، بعدما جرّب الضغط الى حدوده الاقصى، ولم يُثمر.
بالمحصلة لم يتراجع الحزب خطوة واحدة، بل ان التراجع كان في خطوات باسيل، فهل يقنعه حليفه بالقبول بفرنجية رئيساً؟.
تقول المعلومات ان الامر لا يزال سابقاً لأوانه، لأن تواصل "الوطني الحر" و"حزب الله" اقتصر على اجتماعات يجريها مسؤول الامن في الحزب وفيق صفا مع باسيل، ولم تصل الى ما يتجاوز ذلك. قد يكون هدف باسيل اعادة شد اواصر العلاقة مع حليفه، وتنظيم الخلاف بشأن تبني ترشيح فرنجية. لكن الثابت النهائي لغاية الان ان الذين تبنّوا ترشيح رئيس "المردة"، وفي مقدمهم "الثنائي الشيعي"، لم يضعوا في قاموسهم مصطلح التخلي عنه.