في الساعات الماضية، إنشغلت مختلف الأوساط السياسية في قراءة ما تضمنه البيان الصادر عن إجتماع اللجنة الخماسية، التي عقدت أول من أمس في العاصمة القطرية الدوحة، لفهم التداعيات التي من الممكن أن تترتب على المبادرة الفرنسية، لا سيما أن المبعوث الرئاسي جان إيف لودريان من المفترض أن يزور لبنان في الأيام المقبلة.
في هذا الإطار، يبدو أن من أبرز نتائج الإجتماع كان وضع قيود على المقترح الفرنسي الأساسي، بالرغم من الحديث عن دعم الجهود التي يقوم بها لودريان، الأمر الذي من المفترض أن يتضح بعد زيارته إلى بيروت، وذهاب البعض للحديث عن أن موعدها قد يتأجل، إلا أن ما ينبغي التوقف عنده هو عدم الإعلان عن خطوات عملية واضحة، ما يعكس إستمرار الخلافات في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة، التي تضم فرنسا والسعودية وأميركا وقطر ومصر.
في هذا السياق، تلفت مصادر نيابية متابعة، عبر "النشرة"، إلى مجموعة من النقاط الهامة التي كانت حاضرة بين سطور البيان الصادر عن الإجتماع، الّذي تميّز عن الأول الذي عقد في باريس هو صدور بيان رسمي عنه، في حين تولى سفراء الدول الأعضاء، بعد الإجتماع الأول، نقل ما تم الإتفاق عليه إلى المسؤولين اللبنانيين.
من وجهة نظر هذه المصادر، ما ينبغي التوقف عنده هو أن البيان، على مستوى المواقف، لم يخرج عن إطار العموميات، التي تشير إلى أن الأمور ستكون مرهونة بالإتصالات التي ستحصل قبل موعد الإجتماع الثالث، الذي تفيد بعض المعلومات عن أنه سيكون في شهر أيلول المقبل، لكن في المقابل أعاد التذكير بالمواصفات المطلوبة بشخص الرئيس، بعيداً عن الدخول في لعبة الأسماء، لناحية أن يكون: يجسد النزاهة، يوحد الأمة، يشكل إئتلافاً واسعاً لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الأساسية.
في الأسابيع الماضية، كان من أبرز الأسئلة التي طرحت على بساط البحث مصير النظام اللبناني، في حال إستمرار أزمة الشغور الرئاسي، خصوصاً بعد أن تعالت بعض الأصوات المطالبة بالذهاب إلى البحث في الصيغة القائمة، بالتزامن مع سؤال آخر يتعلق بمضمون التسوية المنتظرة، أي هل تكون سلّة متكاملة أم تقتصر على إسم الرئيس المقبل.
بالنسبة إلى المصادر النيابية المتابعة، أجواء إجتماع الدوحة أوحت أن التركيز الحالي منصب على إنتخاب رئيس الجمهورية، من دون الدخول في التفاصيل الأخرى، وهو ما ترجم من خلال دعوة أعضاء المجلس النيابي إلى الإلتزام بمسؤوليتهم الدستورية، والشروع في إنتخاب رئيس للبلاد، بالرغم من أن الجميع يدرك أن هذا الأمر لن يتم من دون تدخل خارجي حاسم، في حين كانت لافتة الدعوة إلى الإلتزام بوثيقة الوفاق الوطني، التي تضمن الحفاظ على الوحدة الوطنية والعدالة المدنيّة في لبنان، ما يؤشّر إلى خطوط حمراء لا ينبغي تجاوزها.
ما تقدم، يقود هذه المصادر إلى الحديث عن عدم إمكانيّة توقع أيّ حلّ في وقت قريب، نظراً إلى غياب الرؤية الموحّدة حيال الملف اللبناني، لكن في المقابل تلفت إلى أنّ الجهود من المفترض تكثيفها في الفترة المقبلة، خصوصاً مع الدخول القطري على الخط، وهو ما سيكون منسقاً مع باقي أعضاء اللجنة الخماسية، بالإضافة إلى التواصل مع الجانب الإيراني، الذي يملك قدرة كبيرة على التأثير، لا يمكن تجاهلها، في الملف المحلي.
في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أن اللجنة الخماسية لا تزال تتعامل مع الملف اللبناني على قاعدة العصا والجزرة، عبر الترغيب بالمساعدات التي من الممكن أن يقدمها أعضاؤها، بالتزامن مع الترهيب بورقة العقوبات ضد المعرقلين، التي تمت الإشارة إليها في البيان الرسمي، بانتظار ما قد يحمله الإجتماع المقبل من تطورات جديدة، ربطاً بما قد يحصل، في الفترة الفاصلة، على المستويين الداخلي والخارجي من تحولات.