خطِرٌ جدا، ما نقلته صحيفة "اللواء" في عددها الصادر الجمعة 14 تموز 2023، عن وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار... فلقد أوردت "اللواء" قول حجّار إن "قرار عودة النازحين في يد نجيب ميقاتي (رئيس حكومة تصريف الأعمال)، والخطة موجودة ولكن لا نية في التنفيذ"...
ويُلقي ذلك التصريح الضوء على الاستنتاجات الآتية، إذا تأكدت المقولة، ويبدو أن أيّ نفي لها لم يرد أقله حتى الساعة...
1–إن ميقاتي يُسيّر الآن مصالح الدول، وبخاصة الاتحاد الأوروبي، الذي صوت بالأمس، وفي إجماع لافت، على بقاء النازحين السوريين في لبنان.
2–وفي المُقابل، فإن مِن مصلحة الغرب أن تدعم دُوَله ميقاتي، وتاليا ألا يُنتخَب رئيس جمهورية جديد في لُبنان، قد يُعرقل "الشرق الأوسط الأوروبي الجديد" الذي بدأت ملامحه تتكشف انطلاقا مِن بيروت الصامدة أبدا في وجه المؤامرات!...
3–إذا عُدنا بالذاكرة إلى زيارة المرشح الرئاسي، رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، الأخيرة إلى باريس، وتابعنا الصحف بإمعان وبنظرة تحليلية وبقراءة ما بين السطور، فإننا نتذكر ما حُكي حينذاك عن "تعهد فرنجية في باريس بعدم عرقلة (إصلاحات) رئيس الحكومة"... وكلمة "إصلاحات" هنا تنطبق عليها مقولة ما يُراد منه تآمُرا مُبطنا، يستهدف لبنان وسوريا في آن، عبر "منع حق عودة" النازحين السوريين إلى بلادهم، وكذلك محاولة إبقائهم "قنابل بشرية" يُفجرها الوضع الاقتصادي-الاجتماعي–الديموغرافي في لبنان المُتهالِك بسبب الحروب العالمية على أرضه.
4–لا شك أن ما يُجرى الآن، أكثر ما يخدم، "العدو الصهيوني"، على اعتبار أنه يفتت دول المنطقة، ويُغذي العصبيات، ويُنمي التطرف، ويُهلك كل دول المُحيط، بمن فيها لبنان وسوريا!.
5–ولكن الاخطر أن اللبنانيين يتلهون الآن في خصاماتهم، بدلا من الوحدة في مواجهة المؤامرة الأوروبية الجديدة على وطنهم!.
أسئلة ذات صلة
ومن الأسئلة المطروحة اليوم في ملف التوطين:
*هل ممنوع على اللبنانيين أن يُعبروا عن قلقهم من وجود أكثر من مليوني نازح سوري على أرض لبنان؟...
إنطلاقا من فرضية أن أوروبا تواجه الهجرة غير الشرعية إليها، بمساعي توطين اللاجئين في لبنان، فإن من الطبيعي ألا يُسمح أوروبيا للبنانيين بالاعتراض... بيد أن هذا الهروب الأوروبي إلى الأمام، يفتقر إلى "قيم إنسانية"، لطالما تغنى بها الأوروبيون، ووعظوا بها، وحاضروا بـ "العفة" حيالها!...
*هل يُمكن أحد أن يفسر ما هي شروط العودة «الطوعية والكريمة والآمنة» لإعادة السوريين إلى ديارهم؟...
الجواب يختلف بحسب "ما وراء الأكمة"... وكذلك بمفهوم كل فريق لتفسير "العودة الآمنة"، من زاوية مصالحه وأهدافه...
*هل وَجد قرار البرلمان الأوروبي الأخير، طريقه في التشتت الداخلي بين اللبنانيين؟...
بداية، لا بد من الاعتراف بأن اللبنانيين، "بلا دف" يتشتتون!... لا بل وينزوون، كل منهم وراء فريقه السياسي، ومشاربه المناطقية، وبيئته الطائفية...
ولكن المسألة تكمن أيضا في حكومة تصريف أعمال، وفي رئيس لها، وهما ينأيان بنفسيهما عن قرار "البرلمان الأوروبي" في قياس المصالح... فيما الضغوط الأميركية والأوروبية تتزايد على الخليجيين والحكومة معا، في ملف النازحين، على ما أفادت معلومات صحافية!.
حتى إن أوساطا وزارية، أكدت لصحيفة "الديار" في عددها الصادر الأحد 16 تموز الجاري، أن "ميقاتي يتهرب (في شأن هذا الملف)، بضغط من واشنطن"... في حين أن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب "يتذرع" بالسفر!...
*إن كل الأسئلة الواردة أعلاه، لا تُسقط فرضية أن تُواجه الدول الأوروبية، الهجرة غير الشرعية إليها، بتوطين النازحين في لبنان!.
وبعد، أما آن أن يعي مَن تبقى في وجدانهم، شيءٌ مِن حب الوطن، والحرص على مصالحه، والذود عن كيانه؟.