أطلق عدد من الدُول العربية والأوروبية، الأحد الماضي (23 تموز 2023)، "عملية روما لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية"، في خطوات للحد من التدفق المُتزايد للمهاجرين في اتجاه أوروبا، في مؤتمر عُقد روما.
وقد اتفق المُشاركون في المؤتمر، على "مُعالجة بعض المشاكل التي تدفع المُهاجرين إلى الخُروج من بلادهم، وتوفير التمويل اللازم لدعم مشاريع التنمية لدول انطلاق طالبي اللُجوء وكذلك دُول العُبور"، بحسب ما تم رصده من خلال البث المُباشر للمُؤتمر.
كما وأكدوا خلال الاجتماع، أن هدفهم المُشترك "تضييق الخناق على مُهربي البشر، ووقف شبكات الاتجار بالبشر التي تُعرض المُهاجرين إلى رحلات محفوفة بالمخاطر".
بيد أنهم قد غفلوا عن "ميتة حية"، تُنغص يوميات أشخاص بُؤساء، يعيشونها على أمل أن يتحقق أحد الرحيلَيْن!.
ومُخطئ مَن يظن، أو مَن يُحاول أن يوحي إلى الناس، بأن "تراجيديا" الهُروب من لُبنان في اتجاه الدول الأوروبية، من مواطنين لبنانيين وسوريين سيتوقف يوما، في ظل المُعطيات الراهنة!...
وإذا لم يلطف الله ويستر علينا، فإن كوارث غرق القوارب الكبيرة كما والصغيرة أيضا، ستستمر فُصولا في البحر الأبيض المُتوسط، وسيُفقَد الكثير مِن المُهاجرين في البحر.
وفي غياب الضمير الدولي، وفي ظل المُقررات الأُوروبية المشكوك بصفتها الإنسانية، قد تتحمل أوروبا يوما ما، كما والعالم المُجاري لها، والباسط سياساته على كل الشعوب، مسؤولية تلك "التراجيديا" اللاحقة بالشعبين اللبناني والسوري على حد سواء.
وحيال ما آلت إليه الأُمور في ملف اللجوء السوري إلى لبنان، باتت السياسات ذات الصلة بهذا الملف وبتداعياته... قائمة على مقولة "عسكري دبر راسك"!.
أسباب تستأهل المُجازفة
الأزمة الاقتصادية التي ضربت لُبنان، أصابت الفُقراء وحتى أصحاب الدخل المتوسط، الذين كانوا يعتقدون أنهم في خير... حتى ثبت لهم عكس ذلك!.
كما وأن الوضع الاقتصادي السيء، والأُفُق المسدود، قد دفعا بالبعض إلى المُغامرة، ولو كانت خطرة على الحياة، في سبيل تأمين حياة أفضل، وفرص للعمل، وتعليم للأولاد في أُوروبا...
وصار البعض يبيع ما يملك، لدفع نفقة الهُروب، والسفر عبر البحر والقوارب... والمخاطرة التي قود تودي بحياتهم.
وكذلك تأتي "الهجرة غير الشرعية"، نتيجة فقدان الثقة بالحُكومة اللُبنانية وبالمسؤولين، وهي ظاهرة ليست بجديدة، وإنما تأخذ أبعادها حتى قبل الانهيار الاقتصادي...
راوح مكانك!
ولكن حتى ذلك الحين، يبدو ان الأمور ستبقى على ما هي، مِن كر وفر بين القوى الأمنية اللبنانية الوجيش من جهة، و"البؤساء" من لبنانيين وسوريين من جهة ثانية...
وسيستمر رصد "عصابات تهريب البشر" – مع إبراء ساحة الدول الجالبة بسياساتها المشبوهة إلى شرقنا المُعذّب، المزيد من البؤس والتهجير والإفقار. وسيركز الرصد على السواحل اللبنانية، في اتجاه أوروبا، بعد ثبوت عمليات تنسيق بين هذه "العصابات" على ساحلي لبنان الشمالي والجنوبي، ضمن عملية توزيع أدوار، "لتشتيت انتباه القوى الأمنية"!.
وستظل تقارير "منظمة الهجرة"، التابعة للأُمم المتحدة، تصف الأعوام المُتلاحقة، بالأكثر دموية، كما وصفت الأشهر الأولى من العام 2023، بأنها أيضا "الأكثر دموية" خلال السنوات الست الماضية، بالنسبة إلى المُهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط في قوارب المُهربين.
ويبقى شيء أخير: فعلا إن "الأزمة الإنسانية المستمرة في وسط البحر المتوسط، باتت أمرا لا يمكن تحمله" بعد الآن، طويلا!.