هكذا، دون أي مقدمات، يدخل اهالي صيدا وجوار مخيم عين الحلوة "حرباً" لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فيُمطر الرصاص عليهم، وتنهمر القذائف الصاروخية على أرزاقهم، بعد أن دخل مخيم عين الحلوة في صراع ناري جديد، انطلقت شرارته من محاولة "ردّ الثأر".
بحسب مصادر صيداوية فإنّ أهالي المدينة يمرّون اليوم بأسوأ تجربة لهم مع المخيم، أو على الأقل بواحدة من اسوأ التجارب، خاصة في مرحلة ما بعد أحمد الأسير، مشيرة عبر "النشرة" الى أن الأمر لا يقتصر على الخسائر المادّية فحسب، بل على الأضرار النفسيّة جراء القلق والخوف الذي انطلق الأحد واستمرّ أمس بوتيرة أعلى.
لم يسلم أهالي صيدا من معارك لا علاقة لهم بها، حتى أبناء الجنوب الذين أنهوا عطلة طويلة في ديارهم، لم يتمكنوا من التوجه الى بيروت بسهولة بسبب عمليات القنص من جهة، وتفلت الرصاص والقذائف الصاروخيّة من جهة ثانية، حيث تكشف المصادر أنّ سيارة أحد الجنوبيين أصيبت برصاصة خرقت الزجاج واستقرت في مقعد السائق، فنجا هو وعائلته بأعجوبة، سائلة هل هذه الرصاصة هي من عتاد تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي؟!.
بحسب الرواية التي تنقلها المصادر فإن المشكل "المُريب" لناحية التوقيت، علماً أن كل التواقيت مريبة، بدأ السبت عند تنفيذ عملية ثأر من قبل أحد الفلسطينيين داخل المخيم، دون أن ندخل بالإنتماءات قبل صدور رواية رسمية عن الأجهزة اللبنانية، وبالتالي قد لا يكون الإشكال مقصوداً لناحية التوقيت، إنما ما يأتي بعده من ردات فعل، وعمليات تستهدف الجيش والآمنين في صيدا والمخيم، هي المريبة، وتطرح تساؤلات حول أدوات "المؤامرة"، فهل ما يجري مؤامرة على المخيم والقضية الفلسطينية، أم أن الجماعات المتشددة والسلاح المتفلت والمنتشر بكثرة داخل المخيم هما للتآمر على الفلسطينيين واللبنانيين في آن واحد؟.
لن يقتنع أهالي صيدا وجوارها بأن الحروب التي تُفتح كل فترة في المخيم المذكور وان هذا السلاح "شبه الفردي"، والمخصّص لحروب الشوارع يخدم القضية الفلسطينية، وبالتالي أصبح الأمر مشبوهاً، فهل يمكن لبلد فيه جزر أمنية كما في لبنان أن ينهض اقتصادياً وهو على أبواب بدء عمليات الحفر والتنقيب عن النفط في البحر، فمن يضمن الاستقرار الأمني وسلامة المستثمرين بحال استمرّ الوضع على ما هو عليه؟!.
الخطير بما جرى ويجري في المخيم هو وجود معلومات أمنية عن احتمال انتقال المعارك الى خارجه، وهنا ليس المقصود بحسب المصادر جواره القريب، بل انتقال الأحداث الى مخيمات أخرى، والأخطر في هذا السياق هو المخيّمات السورية التي لم تنفجر حتى اليوم بحسب تعبير المصادر التي تؤكّد أنه في مرحلة ما قد نشهد تحركات أمنية مصدرها هذه المخيمات.
لم تنجح مساعي التهدئة يوم الأحد بضبط الأمور بسرعة، وهذا مؤشر على خطورة الوضع، ممّا يعني أنّ الجماعات المتتشددة داخل المخيم لا تخضع للسيطرة بشكل كامل، على عكس حركة فتح التي تمتلك علاقات جيدة مع القوى اللبنانية والأجهزة الأمنية، كما تتوقف المصادر عند البيانات الكاذبة والمفبركة التي صدرت بالتزامن مع المعركة وحاولت أن تُشعل نار الفتنة، وتحديداً ما يتعلق بمحاولات إدخال الجيش اللبناني الى الحرب، عبر نشر معلومات حول اعلان حال طوارئ في ثكنة الجيش القريبة من المخيم، والكلام عن تحضير قوّات هجوميّة لدخول "عين الحلوة"، وهو ما يعني بحال حصوله معارك تشبه ما جرى في نهر البارد، وأحداث أمنية خطيرة في اكثر من "مخيم"، وهو ما تلقفته قيادة الجيش بحسب معلومات "النشرة" بجدية وتصدت له ببيان رسمي، واتصالات غير معلنة بسبب حساسيّة ما يجري ودقّة ما يجب فعله.