لم تسارع الكتل النيابية المعارضة إلى التعامل بإيجابية، مع طرح المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الذهاب إلى حوار في أيلول المقبل، بالرغم من أنها لم تذهب إلى إعلان رفضها له، بل تحدثت عن أسئلة تحتاج إلى أجوبة عليها منه، قبل أن تقرر موقفها النهائي، إلا أن ذلك لا يلغي وجود مخاوف حقيقية عند بعض أفرقائها من الفترة الفاصلة.
بإنتظار حسم جميع الأفرقاء مواقفهم، تتجه الأنظار إلى الفترة الفاصلة، التي تشمل شهر آب الحالي، الذي بات من الواضح أنه سيكون بمثابة شهر عطلة، يتخوف البعض من إمكانية أن يشهد بعض الحماوة، لا سيما في ظلّ التوتر الذي يسيطر على مخيم عين الحلوة، لكن الأساس يبقى ما يمكن أن يحصل على مستوى الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية، خصوصاً على مستوى سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
في هذا السياق، تشير مصادر نيابية في قوى المعارضة، عبر "النشرة"، إلى أن الفترة الفاصلة تصب في صالح الفريق الآخر، أي قوى الثامن من آذار التي تدعم ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، على إعتبار أنها ستسمح لها بالسعي إلى تحسين أوراق ترشيحه قبل الوصول إلى أيلول، في حين أن القوى المعارضة لهذا الخيار لا تملك أي خيارات جديدة على هذا الصعيد، لا بل من الممكن أن تخسر "التقاطع" الذي كانت قد توصلت إليه مع "التيار الوطني الحر".
وتلفت هذه المصادر إلى أنه بات من الواضح أن "الوطني الحر"، بعد عودته إلى الحوار مع "حزب الله"، تخلى عن "التقاطع" على تبني ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، وهو ما يظهر من خلال المطالب التي يعلن عنها لتبني ترشيح رئيس تيار "المردة"، وبالتالي أيّ تحول في هذا المجال من المفترض أن يكون له تداعيات سلبية على الكتل النيابية المعارضة، التي لن تكون قادرة على القيام بأيّ مبادرة عملية، بسبب عودته إلى المربّع الأول من الناحية العدديّة.
في هذا الإطار، يبدو أن المعارضة لا تتجاهل سيناريو التوافق بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، وهو ما كان قد دفع العديد من أقطابها للإعلان عن أنها لا تزال على موقفها من ترشيح فرنجيّة، والتشديد على أنّ هذه المواجهة "مصيريّة" لا يمكن التراجع عنها، بسبب الإنعكاسات التي ستتركها على السنوات الست المقبلة.
على هذا الصعيد، توضح المصادر النيابية المعارضة أن التوجه الأولي، في حال حصول هذا التوافق، هو نحو منع وصول رئيس تيار "المردة" من الوصول إلى القصر الجمهوري بأي وسيلة ديمقراطية ممكنة، وتؤكد أن ليس هناك ما يحول دون إستخدامها ورقة النصاب، لا سيما أن الفريق الآخر لم يتردد بإستخدامها في أكثر من مناسبة، وبالتالي لا يمكن، بعد أن يؤمن الأكثرية اللازمة لإنتخاب مرشحه، مساعدته في تأمين النصاب المطلوب.
بالنسبة إلى هذه المصادر، في حال الوصول إلى هذا السيناريو لا يمكن تهديد الكتل النيابية المعارضة بفرض عقوبات على المعرقلين، خصوصاً أن المعرقل الأساسي، على مدى الأشهر الماضية، كان الفريق الآخر، سواء من خلال إنسحابه من جلسات الإنتخاب أو عبر عدم الدعوة إليها، مع العلم أن ذهابها إلى هذا الخيار، في حال فرضت الظروف ذلك، سيكون لتفادي الخيار الأسوأ.
في المحصلة، تدعو المصادر نفسها إلى إنتظار ما سيُسفر عنه الحوار بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" في المرحلة المقبلة، لا سيما أنها تعتبر من الصعب وصولهما إلى توافق في الملفّ الرئاسي، لكنها تشير إلى أن الأهم يبقى موقف المجتمعين العربي والدولي من تكرار الخيارات الرئاسيّة الماضية، وتسأل: "هل الفريق الآخر مستعد لتكرار ما حصل في السنوات الست الماضية"؟.