منذ فترة طويلة، أيقنت غالبية القوى المحلية عدم قدرتها على إنضاج تسوية محلية، من دون تدخل خارجي كبير، يمثل إنعكاساً لتطورات إيجابية على المستوى الإقليمي، لكن ما حصل في الأسبوع الماضي، يصب في إطار أن الرهانات على التحولات الخارجية لم تعد تجدي نفعاً في ظل الظروف الراهنة.
هذه التحولات، على ما يبدو، أكبر من الساحة المحلية، كما أنها حتى الآن غير واضحة المعالم، وبالتالي لا يمكن الحسم في وجهتها، فبعد أن كانت المؤشرات توحي بأن المنطقة ذاهبة إلى مرحلة من التهدئة، عادت الأمور إلى التصعيد من جديد، ربطاً بتطورات أخرى على الصعيد العالمي.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى وجود معادلة ينبغي أن تؤخذ بعين الإعتبار، مرتبطة بالساحة اللبنانية تحديداً، مفادها أنّها لم تعد أولوية بالنسبة إلى الكثير من اللاعبين الإقليميين والدوليين، نظراً إلى التهاب العديد من الساحات التي تمثل أولوية بالنسبة إلى هؤلاء، وبالتالي إنتقالهم إلى الإهتمام بالساحة المحلية، لن يتم قبل معالجة هواجسهم في تلك الساحات.
ما تقدم، لا يعني، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها، أن هؤلاء في وارد الإنسحاب الكامل من هذه الساحة، بل على العكس من ذلك هم يريدون الإستمرار، لكن ليس من منطق السعي إلى معالجة مشاكلها، بل إنطلاقاً من نظرية المساومة للحصول على أثمان في ساحات أخرى، وهو ما يضع الكرة في ملعب الأفرقاء المحليين لإعادة فهم دورهم في المرحلة الحالية، بدل الإستمرار في الرهانات الخاطئة.
في هذا السياق، تلفت هذه المصادر إلى نقاط من المفترض أن تؤخذ بعين الإعتبار، تبدأ من إعادة قراءة هؤلاء الأفرقاء لمواقف اللاعبين الإقليميين والدوليين، خصوصاً على مستوى المنطلقات والمصالح التي يبحثون عنها، لا الإستمرار في التعاطي الذي كان سائداً في السنوات الماضية، بدليل الرسائل التي توجه من قبل معظم الدول الخليجيّة، بشكل أسبوعي، بالنسبة إلى المطالب اللبنانيّة بالحصول على مساعدات ماليّة.
بالإضافة إلى ذلك، تؤكد المصادر السّياسية المتابعة أن على هؤلاء أن يدركوا أن النظرة إليهم لم تعد كتلك التي كانت قائمة في الماضي، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، فالإنتقادات التي توجه إلى سلوكهم باتت شبه يوميّة، وهو متّهمون بالمسؤوليّة عن الواقع الّذي وصلت إليه البلاد، الأمر الذي يترجم بنوعية الشروط التي تطرح لتقديم المساعدات إلى مؤسسات الدولة، بعد أن كانت بعض الدول قد لجأت إلى آليّات أخرى، تقوم على أساس توزيعها بعيداً عن الأجهزة الرسمية.
ما تقدم، يدفع المصادر نفسها إلى طرح سؤال جوهري، قد تكون الإجابة عنه صعبة أو مستحيلة، يتعلق بما يمكن أن تقوم به القوى المحلية لتفادي ما هو أسوأ من الواقع الحالي، حيث الكرة في ملعبها لتخرج من دائرة الإنتظار إلى مرحلة جديدة، لكن هل هي تملك القدرة على ذلك، في ظل إرتباط معظمها بالجهات الإقليمية والدولية المشار إلى توجهاتها في الأعلى؟.
في المحصّلة، تلفت هذه المصادر إلى أنّه حتى الساعة لا يبدو أنّ هذه القوى قادرة على القيام بأيّ خطوة إنقاذيّة، حيث الرهانات لا تزال على إمكانية حصول تحولات من الممكن أن تصب في صالح الذهاب إلى تسوية في لبنان، بالرغم من تراجع المؤشرات التي كانت قائمة في الأشهر الماضية، في حين أن الأوضاع الداخلية قد تكون مرشحة إلى المزيد من الإنهيارات في الفترة المقبلة، ما يدفع إلى رسم صورة تشاؤمية، حتى ولو كان البعض مصراً على عكس ذلك.