تعرض قطاع التعليم بشكل عام والتعليم الرسمي بشكل خاص الى ضربات متتالية منذ العام 2019، سواء بسبب الكورونا وما رافقها من تعليم عن بعد، أو بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي أطلق موجة إضرابات عارمة كادت أن تودي بالمواسم الدراسية، إذ لم يُعرف كيف أنهت وزارة التربية المواسم السابقة، ولا يُعرف كيف ستبدأ الموسم المقبل.
يعتب عدد من الأساتذة على نقاباتهم وتجمعاتهم كونها لا تقدّم المطلوب إليهم، بل على العكس كانت تحثهم على إنهاء الإضراب بحجّة مصلحة الأساتذة، لكن أين المصلحة اليوم وقد بات التعليم الرسمي بخطر محدق؟.
دعمت المنظمات الدوليّة التعليم الصيفي بشكل مكثّف، لأجل مشروع دمج السوريين طبعاً، وليس حباً بالتعليم الرسمي الذي يعاني ويقترب من مرحلة الإحتضار، ويبدو أن هذه المنظّمات ستدعم فكرة دمج الطلاب السوريين باللبنانيين خلال الدوامات الصباحيّة بالمدارس الرسميّة كشرط اساسي لتقديم الدعم، ولو أنّ هذه المنظمات تؤكّد أنها تدعم الطلاب السوريين بنفس حجم دعم الطلاب اللبنانيين، وأنها خفضته على الجميع بعد فضائح الاختلاسات والوهم الذي كان يتبين عند التدقيق بمشاريع الدعم.
بحسب مصادر الأساتذة، في التعليم الرسمي، فإنّ حقوقهم لن تُحصّل سوى بالضغط في ملفّ تعليم السوريين، وتُشير المصادر عبر "النشرة" الى أنّ قدرة الدولة معروفة ورفع الأقساط نسبة كبيرة لن يخدم الأهالي ولا المدارس، لذلك سيكون الضغط على مرحتلين الأولى على الحكومة لرفع رواتب الأساتذة، والثاني على الجهّات المانحة لدعم التعليم الرسمي بحال أرادوا استمرار تعليم السوريين، دون دمجهم.
لا شك أنّ عمليّة شد الحبال ستنطلق خلال أيام كون شهر أيلول سيكون حاسماً، وتكشف المصادر أن ما يُشاع عن أن التعليم الرسمي قد لا ينطلق الموسم المقبل هو أمر صحيح وليس تهويلاً على أحد، فالأساتذة أبلغوا المعنيين في وزارة التربية والتعليم العالي أنّهم لن يشاركوا بالتعليم ما لم تجرِ عملية التصحيح لرواتبهم، الى جانب توصّلهم لاتفاق مع الجّهات المانحة بخصوص الحوافز لهم، وانطلاقاً من هنا تكشف المصادر أنّ الأساتذة يضغطون على وزارة التربيّة لتتخذ قراراً برفض تسجيل أيّ طالب سوري قبل التوصل الى اتّفاق مع الجّهات المانحة، علماً أنه سيكون من الصعب حصوله حول هذا المطلب.
إذاً، أصبح التعليم الرسمي اليوم أمام خطر وجودي ثنائي، فهو من جهة بخطر عدم توجه الاساتذة للتعليم، ومن جهة اخرى بخطر عدم وجود التمويل لتشغيل المدارس واساتذتها بحال رفضت الجهات المانحة تقديم أي دعم بحال رفضت وزارة التربية دمج الطلاب السوريين مع اللبنانيين في الدوامات النهارية.
بحسب المصادر فإنّ المشكلة والحلّ أبعد من قرارات تربويّة، فمسألة النازحين السوريين سياسية بامتياز، لذلك سيكون الأساتذة أمام ضغوطات كبيرة، إنّما المتضرر الأكبر الى جانب الأستاذ سيكون الطلاب، فمع ازدياد الحاجة الى التعليم الرسمي بعد الاقساط الخيّالية في التعليم الخاص، يضعف هذا القطاع، لذلك قد يجد الاهل أنفسهم أمام خيارات أحلاها مرّ، إما الاستدانة للتسجيل بالخاص، وإما المخاطرة بضياع العام الدراسي في التعليم الرسمي، وإما عدم التسجيل مطلقاً.