في الوقت الذي كانت غالبية القوى تنتظر عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، في زيارته الثالثة إلى بيروت، وصلت إلى مجلس النواب ورقة أسئلة يُطلب الإجابة عنها، بهدف تسهيل الذهاب إلى الحوار بين الأفرقاء اللبنانيين، الأمر الذي طُرحت حوله الكثير من علامات الإستفهام، خصوصاً أن بعض الكتل والشخصيات المعارضة أكدت مسبقاً أنها لم تعد ترى جدوى من الحوار مع "حزب الله" وحلفائه.
بالنسبة إلى مضمون الورقة، فهي تطلب الإجابة عن المشاريع ذات الأولوية المتعلقة بولاية رئيس الجمهورية خلال السنوات الستّ المقبلة، بالإضافة إلى الصفات والكفاءات التي يجدر برئيس الجمهورية المستقبلي التحلّي بها، للإضطلاع بهذه المشاريع.
في الشكل، ترى مصادر سياسية مطّلعة، عبر "النشرة"، أن هذه الخطوة غير لائقة، على إعتبار أن الذهاب إلى الحوار من المفترض أن يكون من مسؤولية الكتل النيابية، وبالتالي ما كان يجب أن يتم الذهاب إليها من الجانب الفرنسي، الذي حدد مسألتين: تسليم الأجوبة إلى السفارة في بيروت قبل نهاية الشهر الحالي، وأن تكون موجزة قدر المستطاع، في حين أن مواقف بعض الكتل توحي بأنها غير متحمسة للتجاوب.
أما في المضمون، فتشير المصادر نفسها إلى أنه، حتى ولو تجاوبت الكتل النيابية مع طرح لودريان، فإن الأساس يبقى أن ليس لدى الجانب الفرنسي ما يقدمه في الملف الرئاسي، نظراً إلى أن ما يطلب الإجابة عنه هو أصل الخلاف بين القوى المحلّية القائم منذ ما قبل دخول البلاد مرحلة الشغور الرئاسي، وبالتالي هو يصبّ في إطار شراء المزيد من الوقت باريسيًّا، على إعتبار أنه بعد تسليم الأجوبة من المفترض أن يصار إلى دراستها، قبل أن يبادر إلى طرح الحوار، الذي سيكون مدار أخذ ورد طويل.
إلى جانب المنتظر من زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي المقبلة، لا يزال الجميع ينتظر نتائج الحوار المفتوح بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، وسط المعلومات المتكررة عن أجواء إيجابية ترافقه، بالرغم من التسليم بصعوبة المطالب التي يريدها التيار، لدعم ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية.
في هذا السياق، تلفت مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أنه بين المسارين: طرح لودريان وحوار الحزب والتيار، هناك معادلة واحدة قائمة، هي أنّ الحسم على مستوى الإستحقاق الرئاسي لا يزال يحتاج إلى الكثير من الوقت، في حال بقيت المعطيات القائمة على ما هي عليه، فالمسار الأول يبدو ضعيفاً في حال لم يحصل على قوة دفع دوليّة أكبر، أما المسار الثاني فهو، بعد الإتفاق بين الجانبين، يتطلب توافقاً أكبر بين مجموعة من القوى السياسية.
هنا، تذهب المصادر نفسها إلى طرح مسار ثالث، إنطلاقاً من العقوبات التي فرضت على الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة وبعض المقربين منه، من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا، لتشير إلى أنها قد تكون مقدمة لفرض أخرى على بعض الشخصيات السياسية، تحت عنوان مكافحة الفساد، الأمر الذي تعتبر أنه يتماهى مع ما كان قد ورد في بيان إجتماع اللجنة الخماسيّة، الذي عقد في العاصمة القطريّة الدوحة، وتسأل: "هل يقود ذلك، في حال حصوله، إلى تبدل في المعطيات"؟!.
في المحصلة، تجزم هذه المصادر بأنه في الوقت الراهن لا يمكن الحديث عن أي تطور جديد في الإستحقاق الرئاسي، ما يعني أن المعادلة التي كانت قائمة في جلسة الإنتخاب الماضية لا تزال هي نفسها، وهو ما ساهمت فيه إلى حد بعيد حالة الإرباك القائمة على المستوى الإقليمي، وبالتالي من المفترض إنتظار ما قد تحمله الأيام المقبلة من معطيات جديدة.