أشار متروبوليت بيروت وتوابعها للرّوم الأرثوذكس المطران ​الياس عودة​، إلى أنّه "حبّذا لو يتشبّه مسؤولو هذه الأرض بخالقهم، خصوصًا من ناحية ​محاربة الفساد​، إذ لا محاباة للوجوه لدى الرّبّ، وعدله حاصل. الله عادل، ويبدأ بالمحاسبة من أهل بيته، إذ هكذا يكون العدل الحقيقي".

ولفت، خلال ترؤّسه خدمة القدّاس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس، إلى أنّ "النّبي صموئيل لم يخف من إحقاق عدل الله، لأنّ الله معه ويعضده. كان مثالًا للطّاعة وسماع كلمة الله، والشّجاعة في نشر العدل الإلهي وعدم المساومة عليه، الأمر الّذي نأمل تحقيقه لدى كلّ مسؤول أرضي، خصوصًا في هذا البلد الّذي يفتقر إلى أدنى مقوّمات العدل، ولا يكترث لا لحقيقة ولا لعدالة".

وتساءل المطران عودة، "ماذا يمنع مسؤولي بلادي، وكلّ من بيدهم سلطة، بل ماذا يمنع كلّ إنسان عن قول الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة، في كلّ ظرف وأمام أيّ كان؟ وإن نطق بالصّدق وأعلن الحقيقة هل يُلام أو يعاقَب؟ وهل يجوز تخوينه أو ترهيبه؟ وهل تلام مؤسّسة إعلاميّة إن هي نقلت الحقيقة؟ أليس هذا دورها، بل واجبها؟ وماذا يمنع ​القضاء​ عن تحقيق العدالة في كلّ قضيّة تُرفع إليه، لو لم يكن يرزح تحت ضغوط سياسيّة؟".

وشدّد على أنّ "اللّبناني بحاجة إلى صبر كبير وإلى صلاة مستمرّة، لكي يحتمل صعوبة العيش في هذا البلد المفكّك الّذي لا رأس يقوده، ولا حكومة تعمل من أجل إنقاذه، ولا مجلس نواب يعي مسؤوليّته وواجبه في انتخاب رئيس من أجل بدء مسيرة الإنقاذ".

كما ركّز على أنّ "الدّولة الّتي تُدرك دورها، تحترم مواطنيها وتسعى جاهدةً لتأمين الحياة الكريمة لهم، عبر الخدمات الضّروريّة والأمان والاستقرار والعدالة، ثمّ بعد تأمين حقوقهم تطلب منهم القيام بواجباتهم. عندنا، لا يحصل المواطن على أدنى حقوقه، وهو مطالَب بأن يقوم بواجباته تجاه دولته الّتي لا تفوّت فرصةً دون تحميله أعباء إضافيّة؛ فيما أمواله محجوزة وهو في الضّيق".

واعتبر عودة أنّ "المضحك المبكي، أنّ المواطن الرّاغب في القيام بواجبه كدفع ما يتوجّب عليه مثلًا من رسوم وضرائب، لا يجد إدارةً تعمل ولا موظّفًا يداوم، لكنّه قد يفاجأ بحجز سيّارته بحجّة عدم دفع الرّسوم المتوجّبة عليها في الإدارة المغلقة الأبواب، أو بالغرامات تتراكم عليه بسبب التّأخير. أليس هذا قهرا للمواطن؟".

وبيّن أنّ "كذلك، يلوّحون بزيادة الرّسوم والضرائب. ماذا قدّموا للشّعب؟ وأين الإصلاحات الّتي سئمنا تكرار الحديث عنها؟ أين الوعود؟ وكيف تستقيم الأمور في دولة بلا رأس، وبحكومة مستقيلة، وبمجلس نيابي مشرذم؟". وسأل: "السَّنة الدّراسيّة على الأبواب، والأحمال على أكتاف الأهل ثقيلة، و​الوضع الاقتصادي​ ما زال متردّيًا، وقدرة اللّبنانيّين على التّحمل أصبحت ضعيفة. هل فكّر المسؤولون بهذا الوضع؟ ألم يحن الوقت بعد لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة تتولى إيجاد الحلول؟".