تتصدر مسألة التمديد للقوات الدولية في جنوب لبنان "اليونيفيل" الاهتمام اللبناني والدولي كل عام، وتبدأ الضغوط ومراحل التحذير والتهديد ودرس العواقب خلال شهر آب منذ اكثر من 17 عاماً، ومن المرجح ان تستمر. ولكن، ما الداعي الى مثل هذه الصراعات التي تدور بين لبنان وبعض الدول الغربية ودول اخرى شقيقة وصديقة لوضع نص "يلائم" الجميع؟.
في الواقع، ترى مصادر مراقبة للوضع الجنوبي منذ زمن، ان كل هذه الصراعات لا طائل لها، وان هدفها فقط تسجيل نقاط وهي بمثابة "فقاعة هواء" لانه عملياً، على ارض الواقع، لا يمكن تغيير شيء من دون حصول مواجهات قوية لن يخاطر احد في القيام بها لانها قد تمتد بسرعة الى حرب لا يرغب بها احد، لانها لا تحضر في الوقت الراهن على السيناريو الذي تعيشه المنطقة. وتضيف المصادر ان الجميع يعلم ان اي تحرك غير مرغوب به لـ"اليونيفيل" في الجنوب سيواجه، ليس من قبل حزب الله، بل من قبل الاهالي وستكون المسألة كأنها مواجهة بين القوات الدولية ولبنانيين يحاولون الدفاع عن منطقتهم ومنازلهم. اضافة الى ذلك، دائماً ما يجد الجيش اللبناني نفسه في موقع "ابو ملحم" لفضّ هذا النوع من المشاكل والعمل على تليين الاجواء والحيلولة دون تفاقم الوضع، ما يعني انه من المناسب تماماً، في ظلّ عدم القدرة على القيام بأيّ مواجهة من قبل القوات الدولية، ان يتم التنسيق مسبقاً مع الجيش لما فيه مصلحة الجميع.
وفي حين انه من المنطقي اعطاء الحرية للحركة الدولية في المناطق الحدودية لضمان امن هذه المناطق، فإنه من غير المنطقي الادعاء انه يمكن "فرض" ما يريده مجلس الامن في لبنان، وتقول المصادر ان القاصي والداني يعلم انه لا يمكن للأخير اتخاذ قرار بسحب "اليونيفيل" من لبنان، لان لوجودها مصلحة دولية على الرغم من انها غير فاعلة ولا يمكنها حتى الدفاع عن نفسها ضد اسرائيل (مجرزة قانا عام 1996، وغيرها من السنوات)، او ضد اللبنانيين (المقتل المؤسف للجندي الايرلندي عام 2022 في العاقبية، وغيرها من الاحداث على مدى سنوات مختلفة)، ويكاد سكون سلاحها الوحيد الضغط الدبلوماسي والسياسي.
وتوضح المصادر ان ايًّا من الدول المشاركة في "اليونيفيل" لا ترغب في خسارة ولو جندي واحد من جنودها في معركة خاسرة سلفاً، ولن تتحمل ضغط الرأي العام المحلي الذي سينقلب على مسؤولي هذا البلد ويطالب بسحب الجنود من لبنان.
من جهة ثانية، تتابع المصادر، تكاد تكون "اليونيفيل" في مهامها الجنوبية مطابقة لمهام قوات "الاندوف" ولو ان المكان مختلف تماماً والظروف غير مشابهة اطلاقاً، وبالتالي فما الذي ستجنيه القوات الدوليّة في لبنان من "حرية حركتها" وهي التي تعلم جيداً انه لا يمكنها حتى جمع المعلومات لان عناصرها مراقبين كالصقر، ولا يمكنهم احداث اي خرق في هذا المجال؟! وتعزو المصادر هذه الصراعات الى الرغبة في تسجيل النقاط، بحيث يرتاح المجتمع الدولي الى ما يصدر عنه من قرار يظهر انه قادر على فرض ما يشاء في الجنوب من دون الاخذ في الاعتبار رغبات حزب الله، فيما يعمل الحزب بصمت على تقويض نفوذ هذه الدول وصلاحيات "اليونيفيل"، بما يجعله ممراً اساسياً لايّ قرارات او تحرّكات في الجنوب، فيما يبقى الجيش اللبناني عنصراً مهماً في المعادلة لانّه قوة رسميّة يعترف بها الجميع ويحترمها، وتحظى بثقة المجتمع الدولي وحزب الله على حدّ سواء، واثبت في اكثر من مناسبة انه قادر على لعب دور اساسي في الجنوب، ومن الافضل بالتالي ان يكون هو الممر الاساسي لما يحصل وسيحصل في الجنوب بما يرضي جميع الاطراف.