أصبح الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة بحكم الفار من وجه العدالة... هو، الذي عاش طيلة ثلاثين عاماً حاكماً بأمره، بنى إمبراطوريته الماليّة وعليها أفلس الدولة "بشحطة" قلم، وأخذ من الناس طيلة السنين الماضية "جنى عمرهم"، جاء فجأة ليقول لهم "ما عاد لكم عندي شي"... بمعنى آخر "سرقهم". وبدأ تقاذف المسؤوليات، هو يرمي التهمة على جمعية المصارف والأخيرة تتهم الدولة. بالمختصر هروب من المسؤوليّة والثمن دفعه المودع.
لم يتخيّل أحد أن نصل إلى يوم تنهار فيه إمبراطوريّة سلامة على رأسه، واليوم من المتوقع أن تنهار آخر "أعمدتها" على رأسه. حيث تنعقد الهيئة الاتهاميّة في بيروت برئاسة القاضي سامي صدقي، خلال ساعات، ومن المتوقع ألاّ يحضر الجلسة. وتشير المصادر إلى أنه "يفترض أن تصدر مذكرة توقيف وجاهيّة، إن حضر، بحقّه، أو غيابيّة إذا تغيّب عن الحضور، خصوصاً أن القوى الأمنيّة كان أشارت سابقاً أنها لا تستطيع إبلاغه بموعد جلسة 29 آب، بسبب تعذر وجوده في أي من الأماكن التي يُمكن أن يتواجد فيها، سواء في الرابية أو الصفرا أو حتى في البورتيميلو" على الرغم من "أنّه بحمايتها".
طبعاً رحلة سقوط "منفذ انقلاب 17 تشرين الأول 2019"، كما تصفه المصادر، تعود لجهود قضاة تعاونوا مع دولهم في الخارج، وأبرزهم القاضية الفرنسيّة أود بوروسي التي فتحت ملف سلامة في فرنسا ولاحقته بتهمة تبييض الأموال والاختلاس والتزوير واستعمال المزوّر. ففي فرنسا، القاضية التي سجنت الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، أبت أن تنتقل من منصبها دون أن تصدر مذكرة التوقيف الدوليّة بحق سلامة... ولكن ماذا عن لبنان؟.
التركيز اليوم سيكون على دور القاضي سامي صدقي في قضيّة اصدار مذكرة التوقيف بحق سلامة. وهنا تشير المصادر إلى أنّ ذلك يعتبر قراراً متقدماً يقوم به القضاء اللبناني في هذا الملف، بعد موقف رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل هيلانة اسكندر، التي تحركت أولاً لاستعادة أموال الدولة من الخارج، ومن ثمّ قامت بمداعاة القاضي شربل أبو سمرا وطلبت كف يده قضية حاكم مصرف لبنان السابق.
في مقابل ذلك، تتحدث المصادر عن دور القاضي جان طنوس في الملفّ، الذي أجرى كل التحقيقات فيه، من دون تجاهل المسار الذي قامت مدعي عام جبل لبنان بالاستئناف القاضية غادة عون، فالأخيرة حملت على عاتقها عدّة ملفات، ولكن أبرزها كان ملف الحاكم السابق لمصرف لبنان. وتشير المصادر إلى أنّ "الذي قامت به في هذه القضيّة شاق، ويسجّل لها أنها كانت أول من فتحته، رغم الحرب التي شنّت ضدها، وادعت عليه وعلى والمصارف ومنعته من السفر، كما حاربت طويلاً لعدم اقفال هذا الملف، ودفعت ثمن موقفها هذا بتحويلها إلى المجلس التأديبي".
وتلفت المصادر إلى أنه "حتى القضاء منقسم في قضيّة رياض سلامة، واللافت أنه برز قضاة شجعان، أمثال جان طنوس وهيلانة اسكندر وغادة عون، استشرسوا كي لا تمرّ "سرقة العصر"، مرور الكرام.... والسؤال اليوم: "في حال صدرت مذكرة التوقيف بحق سلامة، هل نكون دخلنا مرحلة انصاف هؤلاء القضاة وعلى رأسهم غادة عون"؟... ليبقى الأهم: "هل يصحّح مجلس القضاء الأعلى الخطأ الذي ارتكبه بحقها"؟!.