قبل أيام من عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، بات من الواضح أن المسار الوحيد الذي من الممكن الرهان عليه، على المستوى الداخلي، هو ذلك القائم بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، في ظلّ المواقف التي تحول دون فتح مسارات أخرى، من الممكن أن تقود إلى تسريع إنتخاب الرئيس المقبل، نظراً إلى التعقيدات الخارجية المرتبطة بها.
في هذا الإطار، قد يكون من اللافت أن الجانبين، بحسب ما أكد أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله ورئيس التيار النائب جبران باسيل، يدركان صعوبة الوصول إلى نتائج في وقت قريب، فالأول كان قد تحدث صراحة عن الحاجة إلى الحوار والتوافق مع باقي الأفرقاء، بينما الثاني كان قد جدّد التأكيد أنه لا يرى إمكانية لإنتخاب رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، لا بل ذهب إلى الإشارة إلى أنّ الحوار القائم لا يرتبط بهذه المسألة.
على هذا الصعيد، ترى مصادر سيّاسية متابعة، عبر "النشرة"، أن هذا الواقع يؤكد أنه، بالرغم من حرص الحزب والتيار على بث الأجواء الإيجابية، أن ليس هناك من نتائج عملية حتى الآن، وفي حال الوصول إلى ذلك، في مرحلة لاحقة، فإن الأمور لن تكون سهلة على الإطلاق، نظراً إلى أن ما يطالب به "الوطني الحر" لا يملك الحزب وحده القدرة على تأمينه، لا بل أن المهمة تتخطى قدرة قوى الثامن من آذار مجتمعة، بسبب الحاجة إلى حوار مع أفرقاء آخرين.
بالنسبة إلى هذه المصادر، أبعد من ذلك لا يمكن تصور أيّ حل في الملف الرئاسي اللبناني لا يحظى بغطاء خارجي واضح، على إعتبار أنّ ذلك سيعني إستمرار الأزمة بشكل أو بآخر، وهو ما كانت تعبر عنه العديد من قيادات قوى الثامن من آذار، عبر التشديد على الحاجة إلى التفاهم مع المملكة العربية السعودية في هذا المجال، الأمر الذي كان الجانب الفرنسي قد تنبه له مسبقاً، من خلال الحرص على مشاركة الرياض، ولو بصورة غير مباشرة، في الجهود التي يقوم بها.
إنطلاقاً ممّا تقدم، يمكن الجزم بأن لا أفق لتسوية قريبة من الممكن أن تقود إلى إنجاز الإستحقاق الرئاسي، بالرغم من كل الضغوطات التي تفرضها المؤشّرات الإقتصاديّة والإجتماعية، من دون تجاهل تلك المرتبطة بالواقع الأمني في البلاد، بعد التوترات التي كانت قد برزت مؤخّرا.
في هذا السياق، تتحدث المصادر السياسية المتابعة، عبر "النشرة"، عن الحاجة إلى تحول كبير يفتح الباب أمام إمكانيّة الوصول إلى تسوية، وإلا فإن حالة المراوحة ستبقى قائمة في المدى المنظور، وتلفت إلى أنّ هذا التحوّل قد يكون داخليا أو خارجيا، بغض النظر عن طبيعته، بالرغم من تشديدها على أنّ عوامل العرقلة الأساسيّة ليست محلّية.
من وجهة نظر هذه المصادر، الأفرقاء اللبنانيون ما كانوا ليذهبوا إلى هذا المستوى من التشدد، فيما لو لم يكن هناك من غطاء خارجي لهم، حيث تعتبر أنّ بعض الإشارات الضاغطة، من خارج الحدود، كافية لتحريك عجلة الملفّ الرئاسي، الأمر الذي لم يحصل، حتى الآن، بشكل جدّي، ما يفتح الباب أمامهم للذهاب إلى المواقف، التي تصب في إطار إضاعة المزيد من الوقت.
في المحصّلة، تجزم المصادر نفسها بأنه من دون هذا التحوّل لن يكون ممكنًا الذهاب إلى الحل، خصوصاً أن الرهان على شعور الأفرقاء المحليين بالمسؤوليّة في غير مكانه، وإلا ما كانوا سمحوا بوصول الأمور إلى ما هي عليه اليوم، وذهبوا للبحث عما يجب القيام به منذ العام 2019.