على الرغم من التأكيدات بأن المسّ ب​الوضع الأمني​ في البلاد ممنوع، خصوصاً أن ليس هناك من قرار خارجي يغطي العبث بهذه الورقة، للإستثمار فيها على المستوى السياسي، لا سيما في إطار الصراع القائم حول ​الإستحقاق الرئاسي​، تزداد المخاوف يوماً بعد آخر من إمكانيّة حصول أمر ما على الساحة المحلية.

في هذا الإطار، هناك بعض المخاوف الطبيعيّة، بسبب التداعيات التي من الممكن أن تترتب على الإنهيار المستمر في الوضعين الإقتصادي والإجتماعي، لكن في المقابل هناك أخرى لا يمكن تفسيرها من الناحية العمليّة، كالحديث الدائم عن إمكانيّة حصول إغتيالات أو توترات أمنيّة متنقلة.

في هذا السياق، توضح مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أن التوترات الأمنيّة التي كانت قد شهدتها البلاد، في الفترة الماضية، أكّدت أن ليس هناك من توجه نحو تفجير الوضع الأمني، لا بل على العكس من ذلك هناك حرص للحفاظ على الحد الأدنى من الإستقرار القائم، بالرغم من التصعيد السياسي الذي تذهب إليه بعض الجهات بين الحين والآخر، وإلا لكانت تطورت بعض الأحداث إلى مستوى أكبر، كحادثة الكحّالة على سبيل المثال.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هذا الواقع لا يعني عدم وجود مخاوف من حصول بعض التوتّرات المرتبطة بملفّات محدّدة، كالواقع القائم في مخيّم عين الحلوة، منذ الإشتباكات الماضية التي كانت قد حصلت فيه، لكن في المجمل لا يمكن الحديث عما هو أبعد من ذلك، إلاّ من ضمن التحليلات التي تفتح الباب أمام مجموعة واسعة من السيناريوهات، التي لا يمكن الجزم بحصول أيّ منها.

على الرغم من ذلك، تعرب المصادر نفسها عن خشيتها من فتح بعض الملفّات التي قد يكون الهدف منها إنهاك المؤسسة العسكريّة فقط، مشيرة إلى أنّ هذا الأمر غير مقبول على الإطلاق، لأنّه قد يكون مقدمة نحو العبث بالورقة الأمنيّة في مرحلة لاحقة، في حين أّن الجميع يعلم أنّ هذه المؤسسة تعمل، منذ أشهر طويلة، باللحم الحيّ، وبالتالي من المفترض تدعيمها لا العكس.

في هذا الإطار، توضح المصادر المتابعة أنه منذ بداية الأزمة، في 17 تشرين الأول من العام 2019، يمسك الجيش بزمام الوضع الأمني، ومع تطورها تبين أنه قادر على تجاوز العديد من التحدّيات، لا سيما بعد أنّ نجح في الحصول على مساعدات من الخارج، الأمر الذي يعكس ثقة العديد من الجهات الدولية بهذه المؤسسة، إلى جانب الحرص على إبقائها قادرة على ممارسة مهامها، بالرغم من كل الضغوطات الإقتصادية والإجتماعية، التي تعاني منها المؤسسة نفسها أو عناصرها.

على الرغم من ذلك، لا تخفي هذه المصادر المعلومات عن إشتداد الضغوط التي يتعرض لها ​الجيش اللبناني​، كغيره من المؤسسات الأمنية القائمة في البلاد، بدءاً مع إقتراب موعد إنتهاء ولاية قائدها ​العماد جوزاف عون​ وغياب المعني بإستلام زمام القيادة، وصولاً إلى أخرى تتعلق بالقدرات اللوجستيّة، لكنها تؤكد على وجود أكثر من صيغة للحلول، من الممكن الذهاب إليها، يتم التداول بها في الوقت الراهن، ما يعني أن الأمور ليست مقفلة بشكل كامل.

في المحصّلة، تجزم المصادر نفسها، إلى جانب تأكيدها على قدرة المؤسسة العسكرية على الإستمرار في مهامها بالرغم من كل الضغوط القائمة، بأنه لن يكون من السهل على أيّ من الأفرقاء العمل على إستخدام الورقة الأمنية لتحقيق أهداف سياسية، لأنّ هذا الأمر من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها، لكنها في المقابل تدعو إلى أن ينتبه البعض من محاولات إشغال ​الأجهزة الأمنية​، لأن التداعيات ستكون خطيرة جداً على الجميع.