تعرضت العديد من دول العالم هذا الصيف لحالات الطقس القاسية والكوارث الثانوية الناتجة عنها، بما في ذلك الفيضانات، والانهيارات الطينية، وحرائق الغابات، والجفاف. وقد أرجع خبراء الأرصاد الجوية سبب كثرة ظهور حالات الطقس القاسية إلى التغيرات المناخية والتي يسببها الاحتباس الحراري العالمي.
ضمن الجهود الرامية لمواجهة تغير المناخ، حددت أكثر من 130 دولة ومنطقة حول العالم أهدافها لتحقيق صفر انبعاثات كربونية أو الحياد الكربوني، وأصبح تحول الطاقة والتنمية الخضراء ومنخفضة الكربون اتجاها عالميا لا يقاوم.
تتمتع الصين والدول العربية بموارد مختلفة ومسارات تنموية مختلفة، لكن كل منهما تشارك بنشاط في مواجهة تغير المناخ.
تعد منطقة الشرق الأوسط من أفضل المناطق حول العالم للاستفادة من موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث تتمتع بمعدلات عالية من التعرض لأشعة الشمس وارتفاع حرارة أشعة الشمس وقلة هطول الأمطار وغيرها من المميزات الطبيعية.
وهناك اهتمام متزايد في الدول العربية بالتحول إلى الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على الطاقة الأحفورية، وأصدرت كثير منها أهدافا واضحة في خفض انبعاثات الكربون. مثلا هدف الإمارات وعمان لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، والسعودية والبحرين بحلول عام 2060، كما كشفت دول عربية أخرى خرائط طريق لخفض الانبعاثات. لقد أصبح تطوير الطاقة المتجددة إجراء مهما للدول العربية لتحقيق أهدافها في خفض الانبعاثات.
وفي المقابل، تعد الصين رائدة عالميا في الاستثمار والبحث والتطوير في الطاقة الجديدة، وهي أكبر منتج في العالم لمعدات الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح وغيرها من الطاقة الجديدة.
ومن حيث التعاون الصيني العربي في المجال، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة للتعاون الصيني العربي في بناء "الحزام والطريق" في يونيو عام 2014، وطرح إقامة معادلة للتعاون. وكان مجال الطاقة الجديدة من إحدى نقاط الاختراق لتلك المعادلة. والآن قد وقعت الصين وثائق التعاون بشأن التشارك في بناء "الحزام والطريق" مع 21 دولة عربية وجامعة الدول العربية. ونفذ الجانبان الصيني والعربي كثيرا من مشاريع التعاون في المجال.
على سبيل المثال، قد نفذت الصين وتنفذ الآن مشاريع الطاقة الجديدة في كل من الأردن ومصر والإمارات وقطر والسعودية والجزائر وتونس وغيرها، والبعض من تلك المشاريع كانت ضخمة الحجم، مثلا، في الإمارات، شاركت شركة صينية في بناء مشروع محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية بسعة 2 غيغاواط، وهي أكبر محطة لإنتاج الطاقة الشمسية في العالم، ومن المتوقع أن تسهم المحطة في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 2.4 مليون طن سنويا. وفي قطر، كانت شركة صينية مقاول رئيسي لمشروع محطة الخرسعة بسعة 800 ميجاوات وهي أول محطة لتوليد الطاقة بالوقود غير الأحفوري في البلاد. ومن المتوقع أن تزود قطر بحوالي 1.8 مليار كيلوواط ساعة من الكهرباء النظيفة سنويا.
بالإضافة إلى ذلك، قام الجانبان الصيني العربي بإنشاء مركز التدريب الصيني العربي للطاقة النظيفة للمشاركة في تنظيم أنشطة بناء القدرات في مجال الخلايا الكهروضوئية، والطاقة الشمسية الحرارية، وطاقة الرياح، والشبكة الذكية، وما إلى ذلك. وفي يونيو العام الماضي، شارك 32 مسؤولا حكوميا من 4 دول من جامعة الدول العربية في تدريب أقامه المركز عبر الإنترنت لمدة يومين. وفى عام 2019، تم إنشاء المختبر الصيني المصري المشترك للطاقة المتجددة في سوهاج، وفازت منتجات المختبر بالجائزة الذهبية لمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة فى الدورة السابعة لمعرض الابتكار المنعقدة في القاهرة في عام 2023.
وفي القمة الصينية العربية الأولى العام الماضي، اقترحت الصين "ثمانية إجراءات مشتركة رئيسية" للتعاون العملي الصيني العربي، بما في ذلك الإجراءات المشتركة بشأن أمن الطاقة، ذكر فيها أن الصين مستعدة للعمل مع الجانب العربي لبناء مركز التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة النظيفة، ودعم شركات الطاقة والمؤسسات المالية الصينية في المشاركة في مشاريع الطاقة المتجددة في الدول العربية بسعة إجمالية تزيد عن 5 ملايين كيلووات، وإجراء التعاون مع الجانب العربي في بحث وتطوير تكنولوجيا الطاقة، وتعزيز تنسيق سياسات الطاقة، والدفع إلى إنشاء نظام عالمي لإدارة الطاقة عادل ومنصف ومتوازن ويفيد الأغلبية.
ومن المقرر عقد معرض للطاقة النظيفة ضمن فعاليات النسخة السادسة من معرض الصين والدول العربية التي ستقام في سبتمبر هذا العام في مدينة يينتشوان الصينية. الأمر سيوفر منصة للتواصل والحوار لشركات الطاقة في الدول المعنية، ويساعد على زيادة التعاون وتوسيع مجالات التعاون.
لذا يمكن القول إن الصين والدول العربية لديها آفاق واعدة للتعاون في مجال الطاقة الجديدة.