لفت رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، خلال احتفاله بالذّبيحة الإلهيّة في ساحة الصليب في حمّار المعلقة، بمناسبة عيد ارتفاع الصليب المقدس، إلى أنّ "الصليب هو رمز للمعاناة والتّضحية والموت. يسوع حمَل الصليب وصُلب لأجلنا، لكي يخلّصنا من الخطيئة والموت الأبدي، ودعانا لحمل الصليب واتباعه، لكي نشاركه في محبّته وطاعته وخدمته".
وأوضح أنّ "حَمل الصليب يعني أن ننكر أنفسنا، أي أن نتخلّى عن مشيئتنا الخاصة وأهوائنا الجسديّة، وأن نقبل مشيئة الله في حياتنا. حمل الصليب يعني أيضًا أن نحمل بصبر وثقة المحن والابتلاءات الّتي تأتي على درب اتباع المسيح، وأن نحمل بفرح وشجاعة شهادة المسيح في هذا العالم، حتّى لو كان ذلك يستوجب الاضطهاد أو الاستهزاء أو الرّفض".
وركّز المطران ابراهيم على أنّ "حمل الصليب ليس هدفًا في حدّ ذاته، بل وسيلة للوصول إلى القيامة. فكما قام يسوع من بين الأموات بقوّة الرّوح، كذلك نحن نرجو أن نقوم معه في الحياة الجديدة. فالصليب لا يفضي إلى الفشل والظّلام، بل إلى الانتصار والنّور"، مشدّدًا على أنّ "الصليب هو عرش المجد، شجرة الحياة، وسلاح الغلبة، وهو مدرسة المحبّة، قانون الحريّة، ورجاء المؤمنين".
وأشار إلى أنّ "على المسيحي أن يحمل الصليب ويتبع المسيح، لأنّ هذا هو طريق التّلامذة وطريق كلّ المصلوبين في العالم، وقد صاروا أكثر بكثير من الصالبين الّذين يمسكون بأمور البلاد والعباد. نحن أي هذه الأكثرية لا يمكن أن تكون مع المسيح، إلا إذا كانت مثل المسيح. ولا يمكن أن تدخل معه في مجده، إلا إذا دخلت معه في صلبه، كما لا يمكن أن ترث معه الملكوت إلا إذا تشاركت معه في آلامه".
كما ذكر أنّ "الإنسان يواجه في حياته العديد من المشاكل والمرض والألم والفشل، وهي جزء من طبيعة الحياة البشريّة. قد يشعر الإنسان بالحزن واليأس والضعف أمام هذه التّحدّيات، وقد يسأل نفسه: لماذا أنا؟ لماذا يحدث هذا لي؟ ما هو معنى كل هذا؟".
وفسّر ابراهيم بأنّ "هذه الأسئلة تدلّ على أنّ الإنسان يبحث عن معنى لمعاناته، ويريد أن يجد غايةً أو هدفًا لوجوده. فالإنسان ليس مجرّد كائن حيّ يتفاعل مع بيئته، بل هو كائن روحي يتفكّر في مصيره ومسؤوليّته. فالإنسان لديه قدرة على التّغلّب على المعاناة بالإرادة والإيمان والأمل".
وشدّد على أنّ "الصليب ليس مجرّد آلة عذاب، بل هو أداة خلاص. فالصليب يعبّر عن المحبّة الّتي تقبل الألم من أجل الخير، والقوّة الّتي تقهر الموت بالحياة"، لافتًا إلى أنّ "الإيمان بالله يجعل الإنسان ينظر إلى صليبه بعيون جديدة، بعيون المسيح الّذي حمل صليبه من أجل خلاص البشريّة. فالمسيح لم يحمل صليبه بكراهيّة أو استسلام، بل بحبّ وإرادة".