بعد المأساة الكبيرة التي وقعت في مدينة درنة الليبية التي تعد أكثر المدن التي تضررت في الساحل الليبي جراء عاصفة "دانيال" وجه الكثير أصابع الإتهام إلى قوات حفتر بسبب إهمال صيانة السدود والحسابات السياسية الضيقة التي بسببها رفض حفتر إخلاء المدينة ما زاد من فداحة الخسائر.
وأشار متهمو خليفة حفتر بالإهمال المتعمد الأمر الذي فاقم الخسائر في الأرواح والممتلكات ان قواته بقيت حوالي ثلاثة اعوام محاصرة المدينة بين عامي (2015 - 2018) حتى تمكنت من السيطرة عليها وان رفضه للاخلاء جاء نتيجة عدم ثقته بسكان المدينة ورغبته بإبقائهم في حالة حصار دائم.
واشارت صحيفة بريطانية أن عمدة درنة أكرم عبد العزيز طلب الإذن بإخلاء المدينة إلا أن حفتر وسلطات الشرق الليبي رفضا الطلب.
ويؤكد صحافيون في تصاريح لهم أن درنة كانت عصيّة على قوات حفتر الذي اضطر لحصارها لاعوام قبل ان يستولي عليها لذلك تغيب الثقة بالمدينة التي تعد مركزا للفن والثقافة الليبية.
ويقول جلال حرشاوي الخير في الشؤون الليبية: "أنت تريد أن يظل سكان المدينة ضمن منطق الحصار الذي رأيناه في الماضي القريب. فحفتر أمر جميع سكان درنة بالبقاء في منازلهم، وهو ما كان أسوأ قرار يمكن أن يتخذه بعد فوات الأوان".
وتعرّضت مدينة درنة لدمار هائل جرّاء إعصار دانيال، وارتفعت حصيلة ضحايا السيول والفيضانات حسب ما نقلت وكالة الأنباء الليبية على موقعها الرسمي، عن المسؤول الإعلامي بوزارة الداخلية محمد أبو لموشه، أن "عدد الوفيات بدرنة جراء العاصفة المتوسطية المدمرة تجاوز 5300 قتيل، وهناك آلاف المفقودين جراء الكارثة".
وأكد أبو لموشة أن "عمليات البحث عن المفقودين وإنقاذ العالقين والمتضررين مستمرة من فرق إنقاذ محلية".
وطالب بتدخُّل دولي للمساعدة في جهود الإنقاذ وحماية المتضررين من الفيضانات غير المسبوقة، وفق الوكالة الرسمية.
وقال شهود عيان في درنة، التي يقطنها نحو 125 ألف نسمة، إن أحياء تحولت إلى حطام بعد أن جرفت السيول المباني، وانقلبت سيارات على جوانب الطرق المغطاة بالطين والركام، واقتُلعت أشجار من جذورها، وغمرت المياه بعد انهيار سدود بالمنطقة منازل مهجورة.
وقال محمد القابسي، مدير مستشفى الوحدة في المدينة المنكوبة، إن 1700 شخص لقوا حتفهم في واحد من الحيَّين الرئيسيين بالمدينة و500 شخص في الحي الآخر، وفقاً لوكالة "رويترز".
وقال هشام أبو شكيوات، وزير الطيران المدني وعضو لجنة الطوارئ في الحكومة المكلفة من البرلمان، لـ"رويترز": "عُدت من هناك (درنة)، الأمر كارثي للغاية، الجثث ملقاة في كل مكان، في البحر، في الأودية، تحت المباني".
وتابع: "ليس لديَّ عدد إجمالي للقتلى لكنه كبير، كبير جدّاً... عدد الجثث المنتشَلة في درنة تجاوز ألفاً، لا أبالغ عندما أقول إن 25% من المدينة اختفى. كثير من المباني انهار".
تحذيرات قديمة
يقسم مدينة درنة الواقعة على ساحل البحر المتوسط في شرق ليبيا نهر موسمي يتدفق من المناطق المرتفعة في اتجاه الجنوب، ونادراً ما تضرب السيول المدينة بسبب السدود الموجودة فيها.
وأظهر مقطع مصوَّر نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي أجزاء متبقية من أحد السدّين على بُعد 11.5 كيلومتر من المنبع في المدينة، حيث يلتقي واديان نهريّان تحيط بهما الآن برك ضخمة من المياه المختلطة بالطين.
وأمكن سماع صوت في المقطع المصور يقول: "كان هناك سدّ".
وفي ورقة بحثية نُشرت العام الماضي، قال عبد الونيس عاشور، الخبير في علوم المياه من جامعة عمر المختار في ليبيا، إن درنة معرّضة لخطر السيول المتكررة عبر الوديان الجافة، واستشهد بوقوع خمسة سيول منذ عام 1942، ودعا وقتها إلى اتخاذ خطوات فورية لضمان الصيانة المنتظمة للسدود في المنطقة.
وأضاف في الورقة البحثية تحذيراً من مغبَّة وقوع سيول عارمة قال إنها ستكون كارثية على السكان في الوادي والمدينة.