منذ أيام قرر حوالي 100 قاض الاعتكاف عن العمل مع بداية السنة القضائيّة الجديدة، فالمطالب المالية التي كانوا يطالبون بها لم تتحقق بنظرهم بعد، وما يحصلون عليه لا يؤمن لهم الحياة الكريمة التي عملوا لأجلها عندما قرروا أن يصبحوا قضاةً.

العام الماضي أضرب ​القضاة​ أكثر من 5 أشهر، ويبدو أن العام المقبل لن يكون أفضل، فبعد أن رضوا بالحل القائم بحصولهم على الزيادة التي فرضت ب​الموازنة العامة​ حينها والتي ترفع الرواتب لثلاثة أضعاف، بالإضافة الى حصولهم من صندوق تعاضد القضاة على مساعدة شهرية بالدولار تتراوح بين 500 و1200 دولار للقاضي، كل حسب درجته، يعود سبب الاعتكاف اليوم أو ما يفضل القضاة تسميته بالوقف القسري عن العمل هو وقف صرف هذه المنحة منذ شهر آب، بعد نهاية ولاية حاكم ​مصرف لبنان​ رياض سلامة.

الواقع اليوم يُشير الى أن الراتب الوسطي للقاضي يصل الى حوالي 30 مليون ليرة، وكان يتقاضى القاضي حوالي 800 دولار كرقم وسطي للمنحة الإجتماعية وهي توقفت منذ فترة، لذلك لم يعد أمامهم سوى العودة للتوقف عن العمل، خاصة بعد إقرار موازنة العام 2024 دون أن يلحظ القيّمون عليها معاناتهم، يقول مصدر قضائي عبر "النشرة".

يُشير المصدر الى أن المعاناة لا تتوقف عند الراتب، فحتى التقديمات الاجتماعية باتت لا تكفي لسد 10 بالمئة من الحاجات، فلا قدرة للقضاة على تسجيل أبنائهم بالمدارس ولا قدرة لديهم على تحمل كلفة الطبابة لهم ولعائلاتهم، فكل التقديمات أصبحت قليلة مقارنة بالأسعار التي وصلت إليها الخدمات التربوية والطبيّة.

يؤكد المصدر القضائي أن العمل بالقضاء يتطلب المتابعة والتفاني والحضور والدراسة، وبالتالي ليس سهلاً على القاضي أن يمارس عملاً ثانياً الى جانب عمله دون أن يتأثر سلباً، مشيراً الى أن ما يجري منذ ثلاثة أعوام حتى اليوم هو أن كل شخص أصبح مضطراً للبحث عن مصدر دخل ثان وإلا فلا يمكنه الاستمرار، واليوم حتى مع العمل الثاني باتت الأمور صعبة وبحاجة الى حلول سريعة وإلا فالجسم القضائي، المنهك أصلاً، سيتجه الى السقوط الكامل.

اليوم وبحسب معلومات "النشرة" هناك بوادر إيجابيّة بخصوص العودة للعمل وعدم الدخول في فترة إضراب جديدة، خاصة بعد أن ارتفع عدد القضاة الراغبين بالمشاركة بالإعتكاف القضائي بعد الإعلان عنه، وحصلت مفاوضات مع ​وزارة المال​ وحاكميّة مصرف لبنان، ويُشير المصدر القضائي الى احتمال كبير بالوصول الى حلّ يرضي القضاة ولو كان ما يُعمل عليه سيستمر حتى نهاية العام الجاري (2023).

سمع القضاة هذه الإيجابية يوم الاثنين الفائت خلال اللقاء الذي دعا اليه ​مجلس القضاء الأعلى​، الذي كان مقتنعاً الى أقصى الحدود بمطالبهم، دعيًا اياهم للتوفيق بين مطالبهم المحقّة من جهة والحاجة اليهم من جهة اخرى، فهل تستمر عجلة العدالة بالدوران أم نشهد تمهيداً لفترة مقبلة تُقفل فيها المحاكم وتتوقف خلالها حياة الموقوفين والمحكومين والمواطنين؟!.