يراوح الوضع الأمني الهش مكانه في عين الحلوة، وسط صورة ضبابية لما يمكن أن يؤول إليه في الأيام القليلة المقبلة، حيث يبدو في سباق محموم مع الزمن بين الجهود السياسية الفلسطينية واللبنانية لسحب فتيل تجدد الاشتباكات بين حركة "فتح" و"تجمع الشباب المسلم"، وبين المهلة التي أعلن عنها عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" المشرف على الساحة الفلسطينية عزام الأحمد، نهاية شهر أيلول الجاري، لتسلم الجناة في جريمة اغتيال قائد قوات الأمن الوطني في منطقة صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه.
وقد أدت جريمة اغتيال العرموشي في 30 تموز الماضي، إلى اندلاع جولتي قتال بين حركة "فتح" و"تجمع الشباب المسلم" أسفرت عن 28 قتيلا وأكثر من 225 جريحا، فضلاً عن أضرار جسيمة في الممتلكات من المنازل المحال التجارية والسيارات، ناهيك عن حركتي نزوح "داخلي" إلى الأحياء الأكثر أمنا و"خارجي" إلى مدينة صيدا ومنطقتها وهي غير مسبوقة.
وأكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن القيادة السياسية الموحدة–"هيئة العمل المشترك" تدرس بعناية كل الخطوات التي تقوم بها لتثبيت وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بمساع من رئيس مجلس النواب نبيه بري (الخميس في 7 أيلول 2023)، بعدما عقد اجتماعين من قيادتي حركة "فتح" برئاسة الأحمد، و"حماس" برئاسة نائب رئيس الحركة في الخارج موسى أبو مرزوق، لأنه وفق مفهومها فإن المهل الزمنية أدت إلى فشل المعالجة.
وكشفت المصادر، عن اجتماعات ثلاثية عقدت أكثر من مرة وبعيدا عن الأضواء بين أمين سر حركة "فتح" فتحي أبو العردات، وممثل حركة "حماس" أحمد عبد الهادي، وممثل بري مسؤول الملف الفلسطيني في حركة "أمل" محمد الجباوي، رسمت خارطة طريق لمسار المعالجة في المخيم، ومنها تعزيز القوة الأمنية المشتركة، ونشرها في نقاط محددة لمنع الاحتكاك والأهم بعث رسالة طمأنة تمهيدا لعودة النازحين إلى منازلهم، حيث ما زالوا خارجها عند أقارب لهم أو داخل مراكز إيواء "الأونروا" أو قاموا باستئجار شقق حتى إشعار آخر لان قلوبهم لم تشعر بالأمان بعد للعودة الآمنة.
ويؤكد قائد "القوة الأمنية المشتركة" في المخيم اللواء محمود العجوري لـ"النشرة"، أن هيئة العمل المشترك التي اجتمعت في السفارة الفلسطينية في بيروت (الخميس 5 أيلول) اتخذت قرارا بتعزيز القوة، ونحن اليوم أصبحنا جاهزة للقيام بالمهام الموكلة اليها، بعدما وافقت كل الفصائل الفلسطينية على فرز عناصر لدعمها، ومن المتوقع ان يبلغ العدد في نهاية المطاف ما بين 160-170 ضابط وعنصراً".
وأوضح العجوري، أن نحو 65 عنصرا سينتشرون في نقطتين عند الطيرة (قرب آل زيدان) في الشارع الفوقاني، وعند سنترال البراق–مفرق بستان القدس، كخطوة أولى لطمأنة الناس، ثم سنخطو قدما إلى الثانية التي تتمثل بسحب المسلحين، ثم إزالة الدشم والمتاريس ورفع الشوادر تمهيدا لعودة النازحين"، مؤكدا "أننا نلتزم بقرار "هيئة العمل المشترك الفلسطيني" في منطقة صيدا.
لم يخف العجوري "أن الوضع الأمني ما زال هشاً، ورغم هذه الخطوات الميدانية التدريجية فإن أبناء المخيم لم يعودوا إلى منازلهم بعد، وقد جرى نقاش الخطوة التالية، إخلاء مدارس "الأونروا" والانتشار في نقاط أخرى"، مؤكدا أن ذلك "لا يعني أن حركة "فتح" تخلت عن مطلبها بتسليم الجناة في جريمة اغتيال العرموشي، بالتوافق مع كل القوى الفلسطينية بعد نحو شهر ونيف على إصدار تقرير "لجنة التحقيق" وتسمية ثمانية مشتبهين، نحن سنلتزم بقرار القيادة السياسية أياً يكن".
وقد تشكلت القوة الأمنية المشتركة في عين الحلوة في تموز من العام 2014 بعد نحو ثلاثة أشهر على إطلاق "المبادرة الفلسطينية الموحدة" لحماية المخيمات الفلسطينية وتحصين العلاقات الفلسطينية اللبنانية في ظل الخلافات الداخلية والأحداث في سوريا، وكانت في لبنان بإمرة اللواء منير المقدح، وفي منطقة صيدا بإمرة العميد خالد الشايب.
ولكن، سرعان ما واجهت "القوة" تحديات إثبات الوجود، عبر عمليات اغتيال جسدية ودموية، وتدريجيا فقدت هيبتها وتحولت مع مرور الأيام إلى "صورية" أو "شكلية"، حتى أنها في كثير من الأحيان لم تتدخل لفض الإشكالات أو الاشتباكات على رغم الحاجة لها، وقد برر قائدها اللواء المقدح الأمر حينها بعدم توافق مرجعيتها المؤلفة من 17 فصيلا على أيّ قرار ما أعاق عملها. ثم جرى حلها وأعيد تشكيلها أكثر من مرة وأخيرا استبدل تسميتها بالقوة المشتركة الفلسطينية (بحذف الأمني)، وتناوب على رئاستها العقيد بسام السعد، العقيد عبد الهادي الأسدي وحاليا اللواء العجوري.