لبنان​، البلد الشهير بتاريخه الغني ومناظره الخلابة، ليس معزولًا عن تهديد الزلازل. على مرّ السنين، ضربت لبنان عدة زلازل عنيفة، تركت تأثيرًا دائمًا على عيوبه ​الزلزال​ية.

سنتناول بالحديث الزلازل الهامة التي حصلت، ونستكشف التأثير المحتمل للنشاط الزلزالي في الدول المجاورة مثل ​تركيا​ و​سوريا​، ونقيّم احتماليّة مخاطر الزلازل المستقبليّة، ونناقش استعداد البلاد للتعامل مع مثل هذه المخاطر.

شهد لبنان العديد من الزلازل الملحوظة على مر تاريخه. وواحد من أكثر الزلازل تدميرًا حصل في عام 551 م، مما تسبب في دمار واسع وفقدان للأرواح. هذا الزلزال، المعروف بشكل شائع باسم زلزال أنطاكيا، كانت شدته تقدر بنحو 6.7 درجات على مقياس ريختر. زلزال آخر هام حدث عام 1759، متسببًا في تدمير مدن عدة في لبنان والدول المجاورة. خلال القرن الماضي، شهد لبنان زلزالًا مدمرًا عام 1956، بشدة بلغت 7.2، والذي تسبب في دمار كبير في البلاد. في حين أن الهدوء لأي نشاط زلزالي يسود منذ أكثر من 67 عامًا وحتى اليوم ما خلا بعض الهزّات الأرضية الّتي تتكرر مرّات عديدة خلال السنة، من دون أن تحدث أي أضرار بالغة.

وبينما يتأثر النشاط الزلزالي في لبنان بشكل أساسي بخطوطه الزلزاليّة الخاصة، يمكن أن يؤثر ما يحصل في الاقليم والدول والمناطق المجاورة بشكل غير مباشر على عيوبه الزلزالية.

على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي الزلازل منطقة حوض المتوسّط وفي تركيا وسوريا، التي تشترك في الحدود مع لبنان، إلى تفجير نشاط زلزالي في المنطقة ويبقى هذا احتمال غير معروف ومن غير المستطاع تقديره بالتوقيت. ويمكن أن تؤدي حركة الصفائح التكتونية وتحرّر الضغوط على طول خطوط العيوب إلى انتقال موجات زلزاليّة عبر الحدود. لذا، من الأهميّة بمكان أن نأخذ في اعتبارنا السياق الإقليمي الأوسع عند تقييم المخاطر الزلزالية التي يواجهها لبنان.

فيما يتعلق بتوقع المخاطر الزلزالية المستقبلية، من الصعب تقديم توقعات دقيقة. ومع ذلك، من خلال تحليل أنماط الزلازل التاريخيّة ورصد الأنشطة الجيولوجيّة الحاليّة، يمكن للخبراء تقدير احتماليّة وقوع زلازل مستقبليّة. على الرغم من أنّ لبنان لم يشهد زلزلة كبيرة في السنوات الماضية، فإن بقاء البلد يقظًا وجاهزًا لأيّ حدث زلزالي محتمل أمر ضروري. نظرًا لأن المخاطر الزلزالية لا يمكن التنبؤ بها بشكل ثابت، فإنه من الضروري الاستثمار في أنظمة مراقبة زلزالية متقدمة وتطوير خطط شاملة لإدارة الكوارث، مع أنّ هذا الامر غير موجود اطلاقًا على صعيد لبنان، واذا أخذنا بالمقاربة مع ما يحصل عند اندلاع الحرائق الموسميّة، نرى أننا نعيش في العصر الحجري حيث لا عديد للدفاع المدني ولا تحديث للمعدّات اطلاقا، فكيف بنا نجابه زلزالا عنيفًا في حال حدوثه؟! حيث سيبدو لبنان بمعيّة سياسييه الغائبين عن الوعي والفكر والعمل من أجل لبنان وكأنّه عاد الى ما قبل العصر الحجري، لأن لا رؤية ولا تخطيط ولا من يحزنون، إنّما هناك من يصرفون ويسرقون من دون وعي اموال ​الشعب اللبناني​.

فلبنان من حيث القدرات التقنية والاستعداد، يواجه تحدّيات ضخمة. حيث أن الموارد المحدودة وقيود التمويل بتعقيد تطوير البنية التحتيّة لمراقبة الزلازل على أحدث طراز غير موجودة بتاتًا. علاوة على ذلك، فإنّ لا رقابة للتنظيم المدني مهما قيل ويُقال عن رخص البناء الّتي تصدر ووجوب أخذها للمعايير والأنشطة الزلزاليّة، الى ذلك يجب تنظيم البناء والتعمير في البلاد في أطر قانونية ومراقبتها لضمان المرونة ضد الزلازل عند حدوثها. ومع ذلك، على الرغم من هذه التحديات. ولكن إحراز التقدّم الكبير الوحيد الّذي تمّ تفعيله اعلاميًّا على الصعيد الوطني في السنوات الماضية من حيث الاستعداد لمواجهة الزلازل، كان في إطار بذل الجهود لرفع الوعي العام، وتعزيز قوانين البناء، وقدرات استجابة الطوارئ! ولكن هل يكفي هذا الأمر فقط للمواجهة المخاطر الّتي قد تنجم عن زلزال مدمّر؟!.

وهنا لا بدّ من الاشارة الى أن في حالة عدم قدرة لبنان على تحمل زلزال كبير بشكل كافٍ، قد تكون العواقب كارثيّة ووخيمة، خصوصًا وان المناطق السكانية الكثيفة والمباني التاريخيّة عرضة بشكل للمخاطر، وسيكون لفقدان الأرواح والأضرار الواسعة للبنية التحتية بالتأكيد لها التأثيرات الضخمة طويلة الأمد على استقرار البلاد الاجتماعي والاقتصادي والمالي.

لذلك واستباقًا لأي مخاطر محتملة وللحد من إمكانية حدوث أضرار كبيرة، يمكن النظر في العديد من الحلول. أولاً، الاستثمار في بنية تحتيّة قويّة تلتزم بقوانين البناء واللوائح الزلزاليّة الصارمة وهذا أمر بالغ الأهمية، حيث يمكن أن يقلّل ترقيع الهياكل القائمة وتنفيذ ممارسات البناء المقاومة للزلازل بشكل كبير من التأثير المباشر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تمكّن الحملات المستمرّة لتوعية الجمهور حول الاستعداد لاستجابة الأفراد والمجتمعات من اتخاذ إجراءات مناسبة خلال الأحداث الزلزالية.

في الختام، وفي حين شهد لبنان زلازل قوية على مرّ العصور، لا يمكن تجاهل احتمالات وقوع مخاطر زلزالية مستقبلية. من خلال الاستفادة من الأحداث التاريخيّة، ومراقبة الأنشطة الزلزاليّة الإقليمية، وتعزيز قدراته التقنية، مما يمكننا أن نسعى للتخفيف من المخاطر. ومن الضروري أن تولي البلاد أولوية للاستعداد للزلازل، والاستثمار في أنظمة مراقبة زلزاليّة متقدمة، لحماية الأرواح إذا كان هناك من احترام للمسؤولين اللبنانيين للحياة البشرية، والمحافظة على التراث الثقافي والحضاري الغني.