على الرغم من العراقيل التي يصطدم بها ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، بسبب الرفض الخارجي والداخلي له، لا تزال قوى الثامن من آذار متمسكة به، على الأقل حتى الآن، مكررة الحديث عن أنه المرشح الوحيد والأخير لديها، وبالتالي هي لن تذهب إلى التراجع عنه مهما كان الثمن، الأمر الذي يدفع إلى طرح الكثير من علامات الإستفهام حول أسباب ذلك، طالما أن الأفرقاء الآخرين حددوا موقفهم منه.
من حيث المبدأ، ليس هناك من يجادل بأن قوى الثامن من آذار تملك القدرة على رفع الفيتو في وجه أي مرشح رئاسي لا ترضى عنه، لكن في المقابل هي لا تملك القدرة على إيصال مرشحها إلى رئاسة الجمهورية، بسبب التوازنات القائمة في المجلس النيابي ورفض القوى المسيحية الأساسية له، ما يعني أن عليها البحث عن التسوية الممكنة مع باقي القوى.
هذا الواقع، تشير مصادر نيابية معارضة، عبر "النشرة"، إلى أنه كان السبب الرئيسي في رفض طرح الذهاب إلى الحوار، نظراً إلى أن قوى الثامن من آذار تريد من خلاله الذهاب إلى إنتخاب مرشحها لا إنهاء الشغور الرئاسي، مع العلم أنها، على مدى ما يقارب العام، طرحت أكثر من خيار من الممكن التوافق عليه، لكن الفريق الآخر كان في كل مرة يعتبر أنها ترشيحات غير جدية، وكأنه يملك الحق في التصنيف وتحديد خيارات الآخرين.
إنطلاقاً من ذلك، تشدد هذه المصادر على أن مفتاح الحل هو بالتقدم خطوة إلى الأمام من قبل الفريق الداعم لرئيس تيار "المردة"، الأمر الذي لا يمكن أن يتم إلا من خلال سحب هذا الترشيح، على أن يبحث بعد ذلك في الأسماء التي من الممكن التوافق عليها، أو الذهاب إلى المجلس النيابي لخوض المنافسة الديمقراطية، وتضيف: "بعد كل هذه الأشهر من الشغور لا يمكن أن يستمر هذا الفريق بمعادلة فرنجية أو لا أحد، بغض النظر عن التداعيات التي تترتب على ذلك".
في الوقت الراهن، يكثُر الحديث عن إمكانية الوصول إلى تسوية في وقت قريب، حيث تُضرب العديد من المواعيد التي ينظر إليها على أساس أنها حاسمة، في ظل تعدد الوساطات والحوارات الثنائية التي تخاض، لكن من دون أن تظهر معالم أي تبدل في موقف قوى الثامن من آذار، ما يدفع إلى السؤال عن الرهانات التي لدى هذا الفريق، كي يستمر في ذلك.
في هذا الإطار، تذهب أوساط سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى الحديث عن رهانين أساسيين: الأول حصول تحول في الموقف الخارجي، يصب في إطار الذهاب إلى تسوية تقود إلى إنتخاب فرنجية، الأمر الذي لا يزال بعيداً، سواء كان ذلك على مستوى العلاقات السعودية الإيرانية أو الإيرانية الأميركية، أما الثاني فهو حصول إتفاق مع "التيار الوطني الحر"، الأمر الذي يبدو صعباً أيضاً، وهو في حال حصوله لن يكون كافياً لتأمين إنتخابه.
من وجهة نظر هذه الأوساط، من الممكن الحديث عن معادلة أخرى توضح حقيقة ما يحصل، مفادها أن سحب ترشيح رئيس تيار "المردة" يرتبط بالثمن المقابل، على قاعدة أنه لا يمكن الإستمرار بترشيح يدرك الجميع أنه يصطدم بالكثير من المطبّات، لكن الثمن المناسب لم يُطرح على بساط البحث بعد، وبالتالي من المفترض إنتظار الفريق الآخر الذي عليه هو أن يقدم العرض "المرضي"، على إعتبار أن قوى الثامن من آذار في موقع "المتلقي"، بعد أن كانت في موقع "العارض" عند تقدمها بالترشيح.
بالنسبة إلى الأوساط نفسها، يكمن أساس هذه المعادلة بأن باقي المواقع التي تنتظر الحسم، من المستبعد أن تكون من حصة قوى الثامن من آذار أو شخصيات مقربة منها: قيادة الجيش، حاكمية مصرف لبنان، رئاسة الحكومة المقبلة، أي أنها ستكون من حصة الفريق الآخر، ما يدفع قوى الثامن من آذار إلى التمسك بترشيح فرنجية كمقابل، على قاعدة أن أي تسوية من المفترض أن لا تتجاهل مصير هذه المراكز، وبالتالي تعتبر أن الإنتقال إلى الحديث عن سلة شاملة قد يسهل المهمة.