فتحت العملية العسكرية النوعية "طوفان الأقصى"، التي شنّتها حركة "حماس" على المستعمرات في غلاف غزة في فلسطين المحتلة، الأبواب على تساؤلات كثيرة، في ظلّ المشهد السياسي المعقد والمتداخل لبنانيا وإقليميا ودوليا وتداعياته على المنطقة برمتها لجهة رسم خارطة طريق جديدة وفق نفوذ القوة.
وأولى التساؤلات، هل يفتح "حزب الله" جبهة الجنوب هذه المرة بخلاف السابق، نصرة للمقاومة الفلسطينية وتضامنا معها، بعدما أعلن وقوفه السريع إلى جانبها وشن هجوما على ثلاثة مواقع اسرائيلية في منطقة مزارع شبعا وهي: "الرادار"، "زبدين" و"رويسات العلم".
اللافت في هجوم الحزب هو سرعته بعد أقل من 24 ساعة على عملية "طوفان الاقصى"، والاعلان عنها بعد وقت قصير وباسم مجموعات الحاج عماد مغنية وتحت عنوان "على طريق تحرير ما تبقى من أرضنا اللبنانية المحتلة وتضامناً مع المقاومة الفلسطينية المظفرة والشعب الفلسطيني المجاهد والصابر".
وأكدت مصادر جنوبية لـ"النشرة"، ان هذا الهجوم يعتبر بمثابة رسالة للعدو الاسرائيلي بأنه اذا أقدم على توسعة عدوانه على غزة والقيام بعملية عسكريّة بريّة، فإن حدوده الشمالية لن تبقى هادئة في إطار المعادلة الجديدة التي قادها المقاومون في محور المقاومة "وحدة الساحات" وهو ما لا تتحمله "إسرائيل".
وأوضحت أن "إسرائيل" لا يمكن أن تتحمل فتح أكثر من جبهة بخلاف كل ادعاءاتها، وهي تستجدي الوساطات العربيّة والغربية من أجل ذلك، بعد ما تردد عن رسالة بأن "المقاومة الإسلامية" في لبنان لن تقف مكتوفة الأيدي في حال تمدّد العدوان برياً إلى غزة.
وقد أكد مسؤول "حزب الله" في منطقة صيدا الشيخ زيد ضاهر، "أن محور المقاومة الممتد من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان وصولا إلى اليمن، والذي تأسس بقوة المقاومين رغم كل المؤامرات والمعارك والحروب والحصارات بكل أشكالها الأمنية والاقتصادية والعسكرية والمالية وتشويه السمعة والإعلام والثقافة، يزداد اليوم قوة ولن يتراجع رغم كل ذلك".
وأضاف الشيخ ضاهر "إن "اسرائيل" ومن فوقها أميركا بدأت تتراجع وستنكسر وستهزم، والمقاومة إلى مزيد من الانتصارات. ونحن نؤكد دعمنا إلى جانب إخواننا في غزة والضفة الغربية-عرين الأسود والكتائب المجاهدة بكل فصائلها، ونؤكد على ديمومة واستمرارية تحركاتنا في لبنان، لأن هذا يشُّد من عضد أخواننا في فلسطين وكل الشعوب التي تنهض من أجل الدفاع عنها".
وثاني التساؤلات، هل فعلا ستنخرط "الجماعة الإسلامية" في المواجهة ضد "اسرائيل" هذه المرة بعد الموقف الذي اطلقه نائب رئيس المكتب السياسي لـ"الجماعة الإسلامية" في لبنان الدكتور بسام حمود، والذي دعا فيه أنصار الجماعة للاستعداد الجدّي للانخراط في المعركة، منوها بالمقاومة الفلسطينية في غزة التي حققت الانتصار الحقيقي وبرهنت أنّ العدو جبان ويخشى المواجهة.
وقال حمود لـ"النشرة"، "ان هذه الدعوة تتكامل مع الاستنفار على أرض الميدان في المناطق الحدودية الجنوبية في صفوف قوات الفجر–الجناح العسكري للجماعة، والذين هم على أهبة الاستعداد للتصدّي لأي عدوان إسرائيلي ضد لبنان في حال تقرر توسيع نطاق المعركة إلى حرب على محاور عدة". مضيفا "اليوم لا مجال لنصف الحقيقة ولا مجال للدبلوماسية المنمقة، اليوم هو لتأكيد الموقف بالوقوف الى جانب المقاومة الفلسطينية التي حققت انتصارا مجديا في التاريخ الفلسطيني الحديث".
فلسطينيا، طوت عملية "طوفان الأقصى"، صفحة التوتر الأمني في مخيّم عين الحلوة موقتا، بعد الاشتباكات التي اندلعت بين حركة فتح" و"تجمع الشباب المسلم" في أعقاب اغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي في 30 تموز الماضي وأسفرت عن سقوط نحو 28 قتيلا وأكثر من 225 جريحا.
وانشغلت القوى السّياسية والشعبيّة في مواكبة تداعيات المعركة ومجرياتها وتطوراتها على الساحة اللبنانية وفي كيفية الإنخراط في دعمها، حيث عمّت المخيمات الفلسطينية والمدن اللبنانية المسيرات ووقفات التضامن الداعمة للمقاومة ولعملية "طوفان الأقصى".
وعبر اللاجئون عن رغبتهم بالزحف نحو الحدود الجنوبيّة والعودة الى فلسطين للانخراط في معركة التحرير الكبرى، ودعا مسؤول العلاقات السّياسية لحركة "حماس" في لبنان الدكتور أيمن شناعة الدول العربيّة الى فتح الحدود والسماح للاجئين بالانضمام الى المقاومة والشعب الفلسطيني في معركة الدفاع عن القدس والاقصى وتحرير الأرض وإزالة الاحتلال الاسرائيلي.
وأكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أنّ هذه المعركة أعادت تصحيح بوصلة السلاح الفلسطيني في لبنان بعد سلسلة من الأحداث المتنقّلة بالفلتان والفوضى، نحو فلسطين وحدها، واستخدامه تحت عنوان واحد ووحيد تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي وتجديد الأمل بالعودة إلى فلسطين قريبا بعد مراحل من اليأس والإحباط، التي حاولت تصفية القضية وشطب حق العودة بدءًا من اتفاق "أوسلو" وصولا إلى "صفقة القرن" الأميركيّة من جهة أخرى، وبينهما فتح الأبواب المغلقة على تحرير الأسرى بعد طول ظلم وتعسف في غياهب السجون الإسرائيليّة بعدما تحولوا إلى رهائن منسيين، مقابل إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين الذين تم اسرهم في المعركة ولم يحدّد عددهم حتى الآن.