تتوالى الأحداث وتتسارع، داخل لبنان من خلال ما يجري في ملف النازحين السوريين، وخارجه من خلال ما يجري في فلسطين من تطورات تضع المنطقة برمتها على حافة الحرب الاقليميّة، ورغم واقعية المخاطر المتأتّية من الملفين، هناك خطر إضافي، قد يكون موازياً بضرره لأضرار الحرب، يتمثل "بالهاتف الذكي"، وهنا تصح تسميته بالهاتف "الغبي".
مع بداية الأزمة الإقتصاديّة كان الهاتف وسيلة لتغيير سعر صرف العملة، سواء عبر التطبيقات الذكيّة التي تحكّمت بسعر الدولار لأشهر وسنوات، أو عبر الإشاعات التي كانت تُطلق من خلال الهواتف الذكية فيكون لها تأثيراتها الكبيرة على كل الوضع العام في البلد، واليوم تتكرر هذه المسألة وسيكون لها نتائج مختلفة، ومنها ما يجري بشكل مقصود ومنها ما يحصل بسبب "قلة الإدراك".
قبل أحداث فلسطين، ارتفعت وتيرة الإشكالات المتنقلة بين لبنانيين وسوريين في مناطق لبنانية معيّنة، ولنعط مثالاً إشكال منطقة الدورة، حيث تحوّل حاملو الهواتف الى مراسلين حربيين، ينشرون الأخبار والإشاعات ويخلقون جوًّا من عدم الراحة، فتارة يُنشر خبر إطلاق الرصاص واشتباكات نارية، وطوراً تُنشر معلومات عن سقوط إصابات، وبعدها تُشاع معلومات عن صدور دعوات لتجميع الشبان اللبنانيين للمشاركة "بالحرب"، وكل هذه الأخبار لم تكن حقيقيّة، بحسب ما تؤكد مصادر أمنيّة عبر "النشرة".
ترى المصادر أن ما رافق تلك الليلة من معطيات وأخبار يؤكّد وجود مجموعة من أصحاب الإشاعات كانوا يعملون وفق قرار وتوجيه لتوتير الاجواء وخلق حالة من البلبلة كادت تتسبب بانتقال الإشكال الى أكثر من منطقة، كاشفة عن وجود بعض المعلومات لدى الأجهزة الأمنيّة أن تلك الحادثة أدّت الى "حصول" تجمّعات في أكثر من منطقة لسوريين، مع كل ما يعني هذا الأمر من خطر اندلاع مواجهات دمويّة تنقل الملفّ من مكانه الحالي الى مكان آخر، مختلف كلياً.
في حالات الخطر يصبح كل مواطن مسؤول، ومسؤوليته تحتّم عليه التعاطي مع الاحداث بجدية وواقعية وبعد نظر، فلا ينشر الإشاعات ولا يساهم بنشرها والأهم لا يصدقها ويبني عليها، فإن كان، بحسب المصادر، من يُريد نقل الصراع حول الوجود السوري الى صراع دموي، فلا يجب أن تتمّ المساهمة بذلك من خلال الهواتف والاخبار ووسائل التواصل.
لم تقف الشائعات عند حدود حادثة الدورة، فبعد يومين أيضاً تم نشر اخبار مضلّلة ومضخّمة حول إشكال إضافي بين لبنانيين وسوريين، لكن الخبر لم ينتشر بشكل واسع بسبب اهتمام اللبنانيين بما يجري في فلسطين، وهنا أيضاً يجب الإضاءة على أمرين:
الأول هو كثرة الأخبار، غير الصحيحة، التي تنتشر من خلال الهواتف الذكية، والتي تلعب على "أعصاب" اللبنانيين، خاصة عندما يُنقل كلام غير صحيح عن لسان مسؤولين اسرائيليين، أو اخبار عن قصف، وكأنّ هناك من يستمتع بالكذب على الشعب اللبناني، وزيادة الضغوط، ونشر الإشاعات.
أما الثاني فهو أكثر اهميّة، ويتعلّق باستعمال الهواتف لمساعدة إسرائيل ولو عن غير قصد، وذلك من خلال تصوير عمليّات إطلاق الصواريخ، كما حصل خلال استهداف المواقع الاسرائيليّة في مزارع شبعا المحتلة، فهذا الأمر يعطي احداثيات واضحة وقد يتسبّب بنتائج دمويّة خطيرة.