رأى سفير لبنان الأسبق في واشنطن رياض طبارة، أنّ "دور الدّبلوماسيّة لم يَحِن بعد، وما زالت أصوات الحرب تطغى على ما عداها في قطاع غزة، والمرحلة الرّاهنة ما زالت مخصَّصة من أجل المفاوضات لأهداف إنسانيّة".
وأشار، في حديث صحافي، إلى أنّ " أيّ محاولة لم تنجح بعد، سواء بالنّسبة لفتح ممرّ إنساني من قبل مصر، أو بالنّسبة للمحاولات المصريّة والقطريّة لإدخال مساعدات إنسانيّة إلى الفلسطينيّين المحاصرين في غزة، وما من تقدَّم أو تطوّر إيجابي حتّى السّاعة".
وكشف طبّارة عن "استمرار المحاولات الدّبلوماسيّة، ولكن الكل يقول إنّه لم يأتِ وقتها، وقد رفضت إسرائيل فتح ممرّ لأمور صحيّة وإنسانيّة، وبالتّالي فإنّ مراوحة المفاوضات عند هذا المستوى والعجز عن التّقدّم في هذا الإطار، مؤشّر على عدم وجود أيّ مفاوضات جدّيّة على مستوى إيقاف الحرب أو وقف القتال؛ بمعنى أنّ الاتصالات الدّبلوماسيّة ما زالت مجمّدة عند مستوى السّماح للأمم المتحدة بالدّخول إلى غزة لتقديم مساعدات إنسانيّة".
واعتبر أنّ "صوت السّلاح هو الأقوى، وما زالت الحركة الدّبلوماسيّة تركّز على الأمور المُمكنة فقط، الّتي هي المساعدات الإنسانّية". أمّا بالنّسبة للدّور الأميركي الدّبلوماسي، فبيّن أنّ "الأميركيّين أعطوا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الضّوء الأخضر لتنفيذ انتقامه، ولن يفتحوا الباب أمام أيّ مفاوضات دبلوماسيّة، وهو ما يذكّر بما حصل في لبنان في العام 1982، عندما أعطت واشنطن الضّوء الأخضر لأرييل شارون للدّخول حتّى الليطاني في جنوب لبنان؛ لكنّه وصل إلى بيروت".
كما روى أنّ "خلال المرحلة الأولى من عمليّة "عناقيد الغضب" عندما كنت سفيرًا في واشنطن، صودف أنّ وزير الخارجيّة الأميركيّو آنذاك كان في دورةٍ في آسيا، وكنت أتّصل به يوميًّا ولكن لم يجب على اتصالاتي، كما كنت أتواصل مع نائب وزير الخارجيّة المسؤول عن الشّرق الأوسط، ولكنّه لم يقم بأيّ تحرّك، علمًا أنّه في حينه، كان رئيس الحكومة الرّاحل رفيق الحريري يتواصل معي يوميًّا، من أجل أن تتدخّل الإدارة الأميركية ولكن من دون نتيجة".
وأوضح طبّارة أنّ ذلك كان "بسبب الضّوء الأخضر الأميركي الّذي سمح لإسرائيل بأن تقوم بما تريده، قبل أن يقرّر الأميركيّون الدّخول الدّبلوماسي على الخطّ، وبالتّالي وبعد تنفيذ إسرائيل لعدوانها، وصل وزير الخارجيّة الأميركيّة فجأةً من الهند إلى سوريا، وأطلق عمليّة المفاوضات لوقف النّار في لبنان".
وأكّد "أنّنا ما زلنا في المرحلة الأولى، أي مرحلة الدّبلوماسيّة "الإنسانيّة"، وما من جهة تحاول جدّيًا التّواصل لأنّ الظّروف لم تنضج بعد، خصوصًا أنّ الإعلام الأميركي بدأ يغيّر في مقاربة ما يحصل في غزة والاعتداءات الإسرائيليّة على المدنيّين، وقد حاولت إسرائيل التّأثير على الرّأي العام الغربي، ولكن هذا الأمر لن يطول بعد عرض مشهد الأطفال والعائلات الّتي تستهدفها الغارات الجوّيّة الإسرائيليّة".
وذكر أنّ "الإعلام الأميركي على سبيل المثال، ومن خلال متابعتي، يركّز على إظهار الخوف لدى المستوطنين، ويتجاهل عمليّات تدمير الأبراج والمباني السكنيّة على قاطنيها، ومشاهد الدّمار وقتل الأطفال والعائلات".