لليوم الثاني، لا تزال عمليات البحث عن مفقودين من قبل عناصر الدفاع المدني والصليب الأحمر اللبناني مستمرة في المبنى الذي سقط بعد ظهر الإثنين في منطقة الديشونية–المنصورية والحصيلة حتى صباح اليوم، ناجية وحيدة على قيد الحياة وخمسة جثث لضحايا فارقوا الحياة، علماً أن العدد الإجمالي للمفقودين هو 9 ومن بقي في عداد المفقودين هم ثلاثة: لبنانيان وعاملة أجنبية، وتُرجّح فرق البحث والإنقاذ للأسف مفارقتهم الحياة، ما سيجعل الحصيلة النهائية ثمانية ضحايا وناجية وحيدة.
في موازاة عمليات البحث والإنقاذ بدأت التحقيقات على أكثر من مستوى لمعرفة حقيقة ما حصل وتحديد المسؤوليات. نقابة المهندسين فتحت تحقيقاً بالموضوع بطلب من النقيب عارف ياسين، وكذلك فعل محافظ جبل لبنان محمد مكاوي بطلب من وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي. وبحسب المعطيات الأولية لهذه التحقيقات والتي حصلت "النشرة" على خلاصتها توزّع مسؤولية وقوع الكارثة على ثلاث جهات:
الجهة الأولى هي بلدية المنصورية برئاسة وليام خوري. صحيح أن البلدية أنذرت سكان المبنى في آب الماضي بضرورة تدعيم اعمدته لكن المعلومات تفيد بأنها لم تمارس صلاحياتها بحسب قانون البناء ولم تتابع الموضوع بعد الإنذار ولم تخلِ المبنى من سكانه كونه يشكل خطراً على السلامة العامة أي سلامة السكان والجيران والمارة، ولو فعلت البلدية ما يسمح لها القانون بفعله لما سقط المبنى ولما كنا أمام كارثة أودت بحياة أبرياء.
الجهة الثانية المسؤولة هم سكان المبنى الذي سقط، كونهم لم يجروا أعمال التدعيم كما يجب على رغم علمهم بخطورة وضعه عليهم وعلى حياتهم وكونهم رضخوا لرأي واحد من بينهم فرض عليهم أحد أصدقائه لإجراء التدعيم فكانت النتيجة أن هذا الصديق-المهندس رمّم أحد الأعمدة المصدٌعة من الجهة اليسرى ولم يدعّم الأعمدة كما يجب فسقط المبنى بسبب إنهيار أعمدته من الجهة التي نُفّذت فيها أعمال الترميم لا التدعيم.
أما الجهة الثالثة المسؤولة عن الكارثة فهي الشركة أو المهندس الذي قام بأعمال الترميم، والذي من المفترض أنه خدع سكان المبنى ووعدهم بتدعيم المبنى والنتيجة جاءت أنه رمم أحد الأعمدة الأمر الذي أدى بعد هطول الأمطار بغزارة، الى تصدّع الأعمدة وإنهيار المبنى المؤلف من سبع طبقات ومرآب للسيارات وقتل من قُتل من السكان الذين كانوا في داخله.
إذاً، وقعت الكارثة في المنصورية وقبلها منذ أشهر في النبعة وبيروت وطرابلس. وقعت الكارثة في المنصورية ولن يتوقف عداد إنهيار المباني المصدّعة وقتل المدنيين الأبرياء ما دامت الدولة بمؤسساتها تدير أذنها الطرشاء لهذه المشكلة. مشكلة المئات كي لا نقول الآلاف من المباني المهددة بالسقوط والتي إرتفع عددها بعد الهزّة التي ضربت لبنان بعد زلزال تركيا منذ أشهر قليلة. في هذا السياق كانت كلّفت وزارة الداخلية البلديات بإجراء مسح لهذه المباني المصدعة بعد الهزة وأن القليل منها قام به وفهمكم كفاية شو ناطرنا!.