في رسالة كتبها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الى "المعنيين في الوحدات والمؤسسات الإعلامية في الحزب"، طلب اعتماد تسمية "الشهداء على طريق القدس" لكل الشبان الذين يرتقون في المعركة التي تجري حالياً على حدود لبنان الجنوبية، وعددهم زاد عن 40 حتى تاريخ كتابة هذا المقال.
تختلف الروايات حول العدد في حرب تموز عام 2006، فهناك من يقول بأنه وصل الى 250، وهناك من يقول أكثر وبعضهم يقول أقل، وبحسب ما نشر رئيس المؤسسة الدولية للمعلومات جواد عدرا، فإن الدولية للمعلومات احصت 65 في حرب تموز، في دراسة بنيت على معلومات رسمية كان حزب الله "ينشرها عند سقوط كل شخص له خلال الحرب، لذلك كتب في 22 تشرين الأول أن "نسبة الأشخاص الذين أعلن حزب الله عنهم حتى الآن وصلت إلى نحو 40 بالمئة من شهداء 2006"، وعندها كان العدد 25.
بحسب معلومات "النشرة" فإن العدد في حرب تموز كان اكثر من 65 بكل تأكيد من دون توافر رقم دقيق لهم، علماً أن الحزب يعتمد سياسة واضحة بنشر الأسماء، وليس كما يفعل الإسرائيلي، على إخفاء أعداد قتلاه، وذلك بسبب فخره بهم، لذلك هو ينشر الأسماء، دون نشر أي تفاصيل حول المكان الّذي سقط فيه الشخص، لأسباب تتعلق بطبيعة المعركة التي تجري على الحدود.
لا شكّ ان الجيش الإسرائيلي الذي يعتمد في حالة الطوارئ على سياسة متشددة إعلامياً، لا ينشر الأعداد الحقيقية لقتلاه في العلن، حيث تبرز عبارة "سُمح النشر من قبل الرقابة العسكرية"، عند الحديث عن قتيل خلال المواجهات، سواء كان ذلك في الشمال الاسرائيلي أو أي جبهة أخرى داخل فلسطين، بينما الحزب لا يفعل ذلك.
في البداية لا بد من التأكيد على ان ما يجري على الحدود هو حرب بكل معنى الكلمة، وهكذا يتعامل حزب الله معها لناحية الانتشار العسكري، وبحسب مصادر متابعة، وبعيداً عما يُقال عن وجود عملاء ينشطون في المنطقة المعنيّة بالحرب اليوم، فإنّ صعوبة المعركة تتمثّل أولاً بالقدرة التكنولوجيّة الكبيرة لاسرائيل، حيث تُشير المصادر عبر "النشرة" الى أن هذا التفوق هو ما يعمل حزب الله على ضربه من خلال التصويب على أجهزة الرصد والمراقبة في المواقع الاسرائيلية، وهو ما تمكن من فعله بنسبة 75 بالمئة.
وتضيف المصادر: "أما ثانياً فطبيعة المعركة العسكرية، والمساحة الجغرافية التي تحصل عليها، والتي تمتد على مسافة 5 كيلومترات تقريباً من الحدود، والتي تحتم على عناصر الحزب التواجد مقابل المواقع الاسرائيليّة، فصاروخ الكورنيت المضاد للمدرّعات لا يُرمى من مسافة بعيدة، ويجب أن يكون الرامي على مسافة 3 الى 5 كلم. فقط من الهدف، وقادر على رؤيته بالعين المجردة، وقد شاهدنا تسجيلات مصوّرة للعمليات العسكرية تُظهر هذه المسألة.
بناء على ذلك، وبعد استهداف "عين العدو" في المواقع، يقوم الاسرائيلي بإطلاق مسيّرات المراقبة المجهّزة بالصواريخ على مدار ساعات اليوم فوق المناطق المحيطة بمواقعه، وهنا لا تتحدث المصادر عن مسيّرة أواثنتين، بل عشرات المسيّرات، وأحياناً المئات منها، التي تراقب كل التحركات وتضبط موقع إطلاق الصاروخ فور إطلاقه، لتهاجم الموقع مباشرة خلال وقت يصل الى ثواني معدودة أحياناً من وقت انطلاق الصاروخ.
كذلك تُشير المصادر الى أنّ القرى الأماميّة المواجهة للمواقع الاسرائيليّة قد فرغت من سكانها، لذلك يعمد الاسرائيلي الى استهداف أيّ تحرك يحصل فيها، سواء كان عسكرياً أم لا، وهو ما يتكرر بشكل يومي من قبل المسيّرات.
تجزم المصادر انّ ما يجري على الحدود هو حرب، وانتشار عناصر الحزب يتناسب مع هذا الواقع، لكنها حرب على نطاق ضيّق، يزيد من صعوباتها التكتيكيّة، فحزب الله لم يستعمل شيئاً من قوّته الصاروخيّة بعد، مشيرة الى أن الإسرائيلي يعلم أن المقاومين قادمون لتنفيذ العمليات كل يوم على المواقع التي باتت معروفة، لذلك فإن مسيراته وطائراته للمراقبة لا تترك السماء إطلاقاً، كذلك فإن المقاومين يُدركون هذا الواقع، لكنّهم لا يتراجعون، بل يُقدمون، وينتشرون في تلك المنطقة بشكل كثيف لانتظار إطلالة الآليات والدبّابات والجنود، مشددة على أن حزب الله بدأ يتعامل مع هذا الواقع بطريقة جديدة ستظهر تباعاً.
إن طبيعة هذه المعركة، ترجمها الحزب من خلال اللوحة التي توسطت غرفة لقاء السيد نصر الله مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد نخالة، والتي تضم تفاصيل كثيرة لها معانٍ كبيرة، حيث فيها آية من سورة الحشر من القرآن الكريم تقول: "لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ"، والتفسير لهذه الآية التي نزلت في حادث بني النضير وهم اليهود الذي نقضوا العهد مع الرسول، في السنة الرابعة من الهجرة، يتحدث عن "الجبن والهلع" لدى الاسرائيليين الذين لا يملكون شجاعة المواجهة سوى من الحصون ومن وراء الجدران ومن خلال المسيّرات والطائرات.