لفت العلامة السيّد علي فضل الله، إلى أنّ "العدو الصهيوني لا يكف عن ارتكاب فظائعه ومجازره بحق المدنيين في قطاع غزة، والاستمرار بالتدمير الممنهج للقطاع، ما أودى حتى الآن بآلاف الضحايا وجلهم من النساء والأطفال والشيوخ، وأدى إلى هدم آلاف العمارات السكنية على رؤوس ساكنيها، ولم يستثنِ من ذلك المستشفيات وأماكن إيواء اللاجئين والمساجد والكنائس".
وأشار، خلال إلقائه خطبتَي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، إلى أنّ "العدو في ذلك، يسعى للثأر من هؤلاء للهزيمة النكراء التي حلت بكيانه، والإذلال الذي حل بمنظومته العسكرية والأمنية، واستعادة هيبته والإيحاء مجددًا بأنه لا يزال الجيش الذي لا يُقهر بعد أن عجز عن ذلك في الميدان؛ وهو يعتقد أنه بذلك يفت من عضد المقاومة الفلسطينية وصمود أهل غزة وثباتهم في أرضهم".
وركّز فضل الله على أنّ "مع الأسف، يجري كل ذلك في ظل تمادي التغطية والدعم الغربيين الكاملين له، ومنحه الحرية الكاملة بأن يفعل ما يريد، ويتجاوز في ذلك الأعراف الدولية والقيم الإنسانية والشرائع السماوية، تحت عنوان حق هذا العدو بحماية نفسه، من دون أن يأخذ بالاعتبار ما يرتكبه هذا الكيان بحق الشعب الفلسطيني؛ وحقه أن يعيش على تراب وطنه ويحظى بالحرية الكاملة عليها وأن تتوافر له مقومات العيش الكريم ويعود إليه أسراه".
وحيّا "صمود الشعب الفلسطيني وثباته، الذي يثبت كل يوم عن مدى صموده وتشبثه بأرضه، رغم كل الجراح والآلام التي يتعرض لها، ورفضه لأن تتكرر المأساة التي حصلت له عندما هجّر من أرضه"، محيّيًا أيضًا "المواقف البطولية لحماة هذه الأرض والمدافعين عنها، وتضحيات العاملين في المجال الطبي الذين يوصلون الليل بالنهار لمعالجة الجرحى وتضميد جراحهم، ومن يعملون في الشأن الإعلامي الذين يسعون لتقديم الصورة الحقيقية عن مجازر هذا العدو، ويبذلون لأجل ذلك التضحيات من أنفسهم وعائلاتهم".
كما عبّر عن تقديره "كل المواقف والأصوات التي تقف اليوم مع هذا الشعب، وترفع صوت مظلوميته وتدافع عن حقوقه المشروعة، إن في المحافل الدولية أو غير الدولية".
وجدّد فضل الله دعوة الدول الغربية الداعمة للكيان، إلى أن "لا تتنكر لشعاراتها في احترام شرعة حقوق الإنسان، وحق الشعوب بتقرير مصيرها وعدم المس بالمدنيين، وهي من كانت تقيم الدنيا ولا تقعدها وتشن الحروب لأجلها عندما تمس، لكن دائماً عندما يكون ذلك لحسابها أو حساب الكيان الصهيوني، وأن تكف أن تنظر بعين هذا العدو وبما يمليه عليها، بل أن تنظر بعين العدالة إلى مأساة الشعب الفلسطيني الذي تعرضه كل يوم شاشات التلفزة ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي؛ الذي يكذب كل ما يدعيه العدو من أنه هو من يعاني ومن يتعرض مدنيوه للاعتداء".
ووجّه التّحية إلى "كل الأصوات الحرة التي ارتفعت في هذه البلدان لفضح جرائم العدو، رغم كل الإجراءات التي اتخذت وتتخذ لمنعها من التعبير، ولم تنطل عليها كل دعايات الإعلام الصهيوني والإعلام المضلل، وخرجت لتعبر عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني وأهالي غزة، ورفضها لدعم حكوماتها لهذا الكيان وجرائمه"، معربًا عن أمله بأن "تتوسع دائرة هذه المواقف، وترتفع مستويات الضغط لإحداث تغييرات في سياساتها، لحساب وقف هذه المجزرة المتواصلة".
وأكّد أنّه "أصبح واضحاً مدى الحاجة إلى مواقف حازمة من الدول العربية والإسلامية وأحرار العالم، ومن لديه حس إنساني وإيماني، في مواجهة آلة الحرب الصهيونية التي لا تكف عن القتل والتدمير، بعد فشل الجهود الدبلوماسية إن على المستوى الإقليمي والدولي في تحقيق ذلك. ولقد شهدنا أخيراً ما حصل في مجلس الأمن، من رفض غربي فاضح لإصدار قرار دولي لإيقاف نزيف الدم والدمار، وما واجهه أمين عام الأمم المتحدة من ردود فعل سلبية، ووصلت إلى حد مطالبته بالاستقالة، لأنه طالب بوقف نزيف الدم في غزة؛ حتى أنه اضطر إلى أن يعدل نسبياً من تصريحاته للضغوط التي مورست عليه".
إلى ذلك، شدّد فضل الله على أنّ "لبنان يثبت يوماً بعد يوم، وقوفه مع معاناة الشعب الفلسطيني من خلال قواه الحية، وهو لا يكتفي ببيانات الدعم والإدانة، بل يقدم التضحيات في هذا الطريق بما يملك من قدرة، لوعيه لمخاطر نجاح هذا العدو في حرب الإبادة وانعكاسه على قوة لبنان... مع وعي تام ومسؤول لواقع هذا البلد والظروف التي يعاني منها".
وثمّن غاليًا "التضحيات التي قدمت، والتي تشير إليها أعداد الشهداء الذين سقطوا، وما يتعرض له أهالي الشريط الحدودي في أراضيهم وممتلكاتهم، ومن اضطرار بعضهم لمغادرة قراهم وبيوتهم إلى أماكن أكثر أمناً"، داعيًا إلى "الاحتضان الشعبي لهؤلاء والتضامن معهم، وتأمين كل سبل الدعم لهم".
وحيّا "كل المواقف الصادرة عن بعض القيادات اللبنانية المسؤولة، التي دعت إلى فتح الأبواب لكل الذين تسبب العدو أو قد يتسبب في تهجيرهم، ومن المؤسف أن نجد هناك من يتحدث بلغة سلبية تسيء إلى روح التضامن التي يجب أن تتسع على المستوى الوطني، أو نجد من يستغل حاجة من اضطرتهم الظروف لمغادرة قراهم وبيوتهم، برفع الإيجارات من دون الأخذ في الاعتبار ظروفهم والأسباب التي دعتهم إلى أن يغادروا بيوتهم".
ودعا فضل الله أيضًا، الحكومة اللبنانية إلى "القيام بمسؤوليتها على كل الصعد، ودراسة كل السبل الكفيلة بتعزيز صمود الأهالي، ومعالجة أي أزمة قد تنشأ من استمرار العدوان الصهيوني على لبنان وتداعيات ما يحصل في غزة".
وأكّد أنّ "على الحكومة والمجلس النيابي العمل لتجاوز كل الاعتبارات التي كانت تمنع من انعقاد مجلس الوزراء كاملاً أو المجلس النيابي، لمواكبة كل التطورات ومعالجة أي تداعيات"، ورأى أنّ "الوقت بات أكثر إلحاحاً للإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية وتأمين الاستحقاقات إن على صعيد الحكومة أو الفراغ في قيادة الجيش، حرصاً على قوة هذا البلد واستقراره، وجعله قادراً على مواجهة التحديات، ولمعالجة الأزمات التي تشغل المواطنين على الصعد المعيشية والاقتصادية والمالية كافة".