بعد سلسلة طويلة من الأسئلة والتكهنات، التي وضعت منذ اليوم الأول لعملية "طوفان الأقصى"، حول الأسباب التي حالت دون خروج أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله بكلمة مباشرة، حدّد يوم الجمعة المقبل موعداً لإطلالة، من المتوقع أن تكون شاملة وحاسمة، بعد أن وضع قرار عدم الظهور في سياق الحرب الإعلاميّة والنفسيّة التي تُخاض من قبل الحزب.
في هذا السياق، من الضروري الإشارة إلى أن حزب الله، على المستوى السياسي، لم يكن بعيداً عن الساحة، فالعديد من القيادات كانت قد أوضحت موقفه من الحرب الدائرة في قطاع غزة، فهو منذ اليوم الثاني أعلن أنّه لن يكون على الحياد، الأمر الذي تأكّد من خلال العمليات التي يقوم بها على الحدود الجنوبيّة، قبل أن يذهب إلى التوضيح أن هذه العمليات لن تتوقف قبل توقف الحرب على غزة.
في الأيام الماضية، أشارت مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن المعطيات الميدانية كانت توحي بتبدّل في قواعد الإشتباك، الأمر الذي تمثل في توسّع رقعة المواجهات، خصوصاً بعد أن بادر الجيش الإسرائيلي إلى توسيع دائرة المناطق اللبنانية التي يشملها القصف، في حين كان الكثيرون يتحدثون عن أنّ العمليات العسكريّة في الجنوب، لن تخرج عن القواعد التي تحول دون الوصول إلى المواجهة الشاملة.
هذه الفرضيّة، توضح المصادر نفسها، تنطلق من معادلة أنّ تل أبيب، في ظلّ الموقف الأميركي الواضح إلى جانب القدرة العسكرية الإسرائيليّة، ليست في وارد الذهاب إلى حرب على أكثر من جبهة، لا سيما أنّها تبدو عاجزة أو قلقة من تداعيات الذهاب إلى عملية بريّة واسعة في غزّة، الأمر الذي قاد إلى موجة من الخلافات الداخلية بين القيادتين السياسية والعسكرية، دفعت رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إلى الإعتذار عن مواقف سابقة.
من حيث المبدأ، تؤكّد هذه المصادر أنه في الجانب الإسرائيلي ليس هناك ما يوحي بأن هناك تبدلاً في الموقف، أي عدم الرغبة في توسيع رقعة المواجهة على الحدود اللبنانية، بالرغم من كل التهديدات التي تطلق من قبل بعض المسؤولين السياسيين والعسكريين، إلى جانب بعض التطورات المرتبطة بالأوضاع على الجبهة، خصوصاً مع بروز تبدّل في مواقف بعض الدول الغربيّة، التي كانت قد أعطت، في الأيام الأولى، ما يشبه "الضوء الأخضر" للقيام بما تراه مناسباً، من أجل إستعادة صورتها الردعية.
بالعودة إلى إطلالة السيد نصرالله المنتظرة، تلفت المصادر السّياسية المتابعة إلى أنّها ستكون موضع متابعة من غالبيّة القوى الدوليّة والإقليميّة المؤثّرة، إلى جانب القوى المحلّية أيضاً، نظراً إلى أنّ السؤال عن موقف الحزب وما قد يقوم به من خطوات، هو العنوان الأساسي لكل التحركات الدبلوماسيّة الناشطة بإتّجاه العاصمة اللبنانيّة، من دون أن تنجح في الحصول على أيّ جواب بتعلق بهذا الشأن، وهو ما يجب أن يستمرّ، نظراً إلى أنه يمثّل عامل إرباك لتل أبيب.
وفي حين تؤكد المصادر نفسها أن أمين عام "حزب الله" لن يبادر إلى كشف كل ما لدى الحزب من معطيات وخطوات، تشير إلى أنّ الخطاب المنتظر سيتطرّق إلى قواعد الإشتباك المبدئيّة، بالإضافة إلى بعض الخطوط الحمراء المتعلقة بالجبهة اللبنانيّة تحديداً، لمنع تل أبيب من التمادي في هذا المجال، لكن من دون البحث بشكل معمق في تلك المتعلقة بغزة، على إعتبار أنّ هذا الأمر هو من ضمن ما يعرف بالغموض البنّاء، مع التأكيد على أن الحزب جاهز لكافة السيناريوهات، لا سيما أنّ إسرائيل بدأت، في الأسبوع الماضي، مرحلة جديدة من الحرب في غزّة، عنوانها العملياّت البرية التي لا تصل إلى حدّ الإجتياح.
في المحصّلة، تؤكّد هذه المصادر أن إطلالة السيد نصرالله ستكون من العوامل الفارقة في مسار الحرب، لكنها تشدّد على أنّ كل الأمور، في المرحلة المقبلة، ستكون مرتبطة بالميدان العسكري، مع العلم أن مجريات الأيام الماضية، أظهرت توسعاً في العمليّات التي تنفّذ من قبل الحزب ونوعيّتها، وتلفت إلى أنّ توقيت الإطلالة تمّ إختياره بعناية، بعد أن ظهرت العديد من المعطيات المرتبطة بالمواجهة، ما يفرض إرسال رسالة واضحة لمن يعنيهم الأمر.