مع بداية التصعيد العسكري على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة حصلت في إحدى المرات محاولة هروب لنازحين سوريين من قرية جنوبية مستهدفة اسرائيلياً الى قرية مجاورة طلباً للحماية، الأمر الذي لم يسر على ما يُرام إذ رفض القيّمون على البلدة استقبال هؤلاء، وهو ما قد يتكرّر في أي محاولة نزوح جديدة، وهو ما يجعل قضية النازحين السوريين حساسة أكثر مما كانت عليه قبل التصعيد العسكري في المنطقة.
لا يوجد أرقام دقيقة لأعداد السوريين النازحين في القرى الجنوبيّة جنوب نهر الليطاني، والتي يطال القصف الاسرائيلي اطرافها، لكن بحسب مصادر متابعة فإن الأعداد بعشرات الآلاف، والأعداد في الجنوب ككل تصل الى حوالي 300 ألف نازح، وهؤلاء كاللبنانيين معرضين للنزوح بحال اشتدت المعارك، كما حصل اول من أمس عند استهداف منزل في ياطر الجنوبية كان يسكنه نازحون سوريون.
تُشير المصادر عبر "النشرة" الى أن واقع النازحين السوريين في الجنوب يشكل تحدياً كبيراً للحكومة اللبنانيّة كما المنظمات التي تعمل على دعم وجودهم في لبنان، كاشفة في هذا السياق عن مخاوف أمميّة عميقة تجاههم جعلت المنظّمات تقترح عدّة وسائل من المساعدات كالبدل النقدي لهؤلاء لاستئجار منازل في مناطق آمنة، لكن حتى اليوم لم يتم إقرار هذه الاقتراحات.
لا شكّ بحال حصلت الحرب سيكون ملفّ النازحين من الملفّات الشائكة التي على خليّة الطوارئ الوزارية التعامل معها، فاستمرار وجودهم في القرى الجنوبيّة ليس مرغوباً، ولن يكون، لا على مستوى المقاومة، ولا على مستوى أهل القرى الذين يخشون الخروج من قراهم بظل استمرار الوجود السوري فيها، على اعتبار أن هذا الأمر قد يجعل كل البلدة مستباحة، وهذه مخاوف واقعيّة ولو أنّ الحديث فيها لا يكون علنياً في كثير من الحالات.
إذا، إن كان المطلوب خروج السوريين من القرى، بسبب رفض الاهالي بقاءهم، وإن كان استقبالهم من قرى قريبة من قراهم لن يحصل بسبب رفضهم لذلك، وإن كانت الحلول المتاحة لهم لم تُقر بعد، فما سيكون مصير هؤلاء بحال حصل التصعيد العسكري؟.
تؤكد المصادر أن الحكومة لا تملك الإجابة بعد على هذا السؤال، مشيرة الى أنه من ضمن الاقتراحات يجب وجود اقتراحين أساسيين، الأول والذي يجب أن يكون بديهياً، وهو إعادة هؤلاء الى سوريا، فالوضع الأمني الذي تتذرع به المنظمات الأمميّة لرفض عودتهم الى بلادهم يتعلق بالوضع الأمني، فهل يكون لبنان بلداً آمناً لهم بحال دخل الحرب بشكل أوسع؟.
أما الاقتراح الثاني الذي يجب أن يُعمل عليه جدياً بحال كانت العودة الى سوريا صعبة حالياً، فهو إنشاء مخيّم للنازحين على الحدود اللبنانية السوريّة، حيث يتم نقلهم من القرى الجنوبية الموجودة على خطّ النار الى المخيم.
لا يزال بحسب المصادر ملفّ النازحين بشكل عام في لبنان يحظى باهتمام الوزارات المعنية به والحكومة اللبنانية، خاصة بعد ورود معلومات متضاربة حول حصول الحكومة على "داتا النازحين" الموجودة لدى مفوضية شؤون اللاجئين، وهي المسألة التي تحوّلت الى قصة "إبريق الزيت"، حيث لا يبدو أنّ أحداً يملك الجواب الكامل عنها، لكن ما يجري اليوم في لبنان قد يشكل فرصة للمضي قدماً بملفهم باتجاه عودتهم الى سوريا.