على وقع الجولات التي يقوم بها العديد من المسؤولين الأميركيين في المنطقة، جاءت الزيارة المفاجئة والسريعة التي قام بها الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين إلى لبنان، أول من أمس، والمحادثات التي أجراها مع العديد من المسؤولين، بعد أن كان من المنتظر أن تقوم بهذه الزيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف.
بحسب المعلومات المتوفرة، فإن الرسالة الأهم التي حملها هوكشتاين، الذي أكد أنه يقوم بهذه الزيارة موفداً من الرئيس الأميركي جو بايدن، هي دعوة جميع الأفرقاء إلى إحترام القرار 1701، إلى جانب التشديد على ضرورة عدم إنخراط لبنان في الحرب الدائرة في قطاع غزة، كما كشف أن الإتصالات قائمة من أجل الوصول إلى هدنة إنسانية في القطاع، وهو ما كانت قد أكدت عليه العديد من المصادر الأميركية الأخرى.
في هذا السياق، توضح مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أنّ الموفد الأميركي تبلغ من المسؤولين اللبنانيين الموقف الذي كان قد حمله العديد من الموفدين الدوليين الآخرين، بأن ضبط الجبهة الجنوبية يتطلب الذهاب إلى فرض وقف لإطلاق النار في غزة، وهو ما يمكن أن تعمل عليه الولايات المتحدة مع الجانب الإسرائيلي، في حين أن هوكشتاين سعى إلى التأكيد على ضرورة أن تشمل الهدنة، في حال حصولها في غزة، جنوب لبنان أيضاً.
وتلفت هذه المصادر إلى أنّه منذ بداية عملية "طوفان الأقصى"، هناك إهتمام دولي كبير بالواقع اللبناني، الأمر الذي تزايد بعد الخطاب الماضي لأمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، الذي كان قد ربط الأوضاع في جبهة الجنوب، بعد أن وصفها بأنها "جبهة مساندة"، بمسار الأحداث في غزة وسلوك إسرائيل تجاه لبنان، وبالتالي كان من الطبيعي أن تعمد واشنطن إلى إرسال أحد موفديها، الذي هو على علاقة مع مجموعة واسعة من المسؤولين بسبب دوره في ملف ترسيم الحدود البحرية، إلى لبنان.
في مطلق الأحوال، هناك نقطة أساسية ينبغي التوقف عندها، تكمن بالتصعيد الإسرائيلي على جبهة الجنوب، الذي ترافق مع زيارة هوكشتاين، حيث كان لافتاً مستوى الإعتداءات التي حصلت في اليوم نفسه، وهو ما يستحق التوقف عنده.
في هذا الإطار، تلفت المصادر المطلعة إلى أن هذه الجبهة كانت قد شهدت، في الأيام الماضية، تطوراً خطيراً، تمثل بإستهداف الجانب الإسرائيلي سيارة مدنيّة، ما أدّى إلى سقوط 4 ضحايا، بالرغم من أنّ السيد نصرالله كان قد حذّر من أن هذا الأمر سيقود إلى معادلة مدني مقابل مدني، وهو ما فُسّر من قبل العديد من الجهات برغبة بالتصعيد من قبل تل أبيب، التي هي في الأصل تجد نفسها في مأزق، بسبب عدم القدرة على تحقيق أيّ إنجاز على مستوى العمليّة العسكريّة القائمة في غزة.
من وجهة نظر هذه المصادر، جبهة الجنوب، على الرغم من المزايدات التي تحصل من قبل بعض الجهات، تمثل حالة قلق إلى إسرائيل وأميركا معاً، بسبب عدم القدرة على ضبطها، إلى جانب إحتمال تدحرج الأمور فيها في أيّ لحظة، طالما لا تزال مسرحاً للعمليات العسكرية، التي لا تقتصر على "حزب الله"، ولذلك هناك سعي إلى رفع مستوى التحذيرات من إستمرار الواقع على ما هو عليه.
في المحصّلة، تعتبر هذه المصادر أنّها تكاملاً بين زيارة هوكشتاين والتصعيد الإسرائيلي، الّذي يصب في إطار إستمرار الرسائل التحذيرية إلى "حزب الله"، بالرغم من أن الجانبين يدركان أن هذا الأمر لن يجدي نفعاً في وقف الدور الذي تؤدّيه جبهة الجنوب، طالما لم يتم معالجة الأوضاع القائمة في غزة، عبر الذهاب إلى وقف لإطلاق النار.