تحول البحث عن مخرج لمعالجة الشغور المحتمل في قيادة الجيش، مع إقتراب إنتهاء ولاية العماد جوزاف عون في 10 كانون الثاني المقبل، إلى ما يشبه عمليات البورصة، التي تنخفض في يوم لتعود إلى الإرتفاع لاحقاً، ربطاً بالتطورات التي قد تسجل في مواقف بعض الأفرقاء الأساسيين.
في هذا المجال، من الممكن الحديث عن أن رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية أعاد، أول من أمس، إحياء إمكانية أن يتم تأجيل تسريح قائد الجيش في مجلس الوزراء، من خلال الإعلان أنه لا يعارض ذلك، بعد أن كانت العديد من المعلومات قد تحدثت عن أنه يتشارك مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل في رفض ذلك.
البحث في هذه المسألة، يتطلب العودة إلى المخارج الأخرى الممكنة، حيث توضح مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أن حصول ذلك من بوابة المجلس النيابي كان يواجه مجموعة من العقبات، التي تبدأ من رفض رئيس المجلس نبيه بري حصر جدول أعمال الجلسة التشريعية ببند وحيد حول هذه المسألة، كما طرح حزب "القوات اللبنانية"، ولا تنتهي عند مطالب معظم النواب السنة شمول القانون تمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، من أجل التصويت لصالحه وتأمين الأكثرية النيابية المطلوبة.
هذا الواقع، إلى جانب الحديث عن رفض "حزب الله" التمديد لعون، لتفادي عودة التوتر مع "التيار الوطني الحر"، كان ممكنا، لو رفض رئيس تيار "المردة"، أن يحول دون إمكانية أن يتم ذلك عبر مجلس الوزراء، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها، نظراً إلى عدم توفر مشاركة 16 وزيراً في أيّ جلسة تبحث هذا الأمر، لكن موقف فرنجيّة أعاد خلط الأوراق من جديد، بعد أن ظنّ البعض أن ورقة قائد الجيش قد طويت.
في هذا الإطار، تفيد هذه المصادر إلى أنّه حتى ولو قرّر "حزب الله"، الذي لم يعلن عن موقف واضح في هذا الشأن حتى الآن، مقاطعة جلسة مجلس الوزراء، فإن هذا الأمر لن يحول دون إنعقاد الجلسة، نظراً إلى أن عدد الوزراء المحسوبين على "التيار الوطني الحر"، الذين يقاطعون بشكل دائم الجلسات هو 5، بينما وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار يشارك في بعض الجلسات ويقاطع أخرى، وبالتالي في حال لم يشارك، فإن عدد المشاركين، في حال قرر "حزب الله" المقاطعة، سيكون 16 وزيراً، إلا إذا قرّر وزراء "حركة أمل" أن يكونوا في موقف موحد مع وزراء الحزب.
على هذا الصعيد، تشدد المصادر المتابعة على أهمية 4 عوامل أساسية في إعادة تعزيز أوراق تأجيل التسريح، هي: موقف البطريريكة المارونية المؤيّد، الذي يتماهى مع مواقف العديد من الأحزاب والمؤسسات المسيحيّة، موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي يؤيد الحفاظ على الواقع الراهن على مستوى قيادة المؤسسة العسكرية، تحرك قائد الجيش نفسه، الذي بادر إلى التواصل مع رئيس تيّار المردة"، الموقف الأميركي الذي، على الرغم من كل ما يقال في هذا الشأن، لا يزال يفضل بقاء عون في موقعه.
هنا، تلفت المصادر نفسها إلى أن هذا الواقع قد يعيد أهمية مواقف بعض الوزراء إلى الواجهة من جديد، تحديداً كل من وزراء السياحة وليد نصار والمهجرين عصام شرف الدين والإقتصاد والتجارة أمين سلام، مع العلم أنّ موقف الثاني يرتبط بالحزب "الديمقراطي اللبناني"، حيث لم يتخذ في هذا الشأن أي قرار حتى الآن، على أن يعلن حين يتم تحديد موعد الجلسة، لكنها تشدد على أن رأي البطريركية المارونية والولايات المتحدة سيكون موثراً على نحو بعيد.
في المحصّلة، أعاد فرنجية خلط الأوراق على مستوى قيادة الجيش اللبناني، بشكل يرفع من أسهم خيار تأجيل تسريح عون عبر مجلس الوزراء، لكن هذه المصادر تشدّد على أن الأمور ستبقى مرهونة بخواتيمها، نظراً إلى أنّ هذه المسألة مرتبطة بعاملين أساسيين: الأول هو تطورات الحرب في غزة وتداعياتها على الجبهة الجنوبيّة، أما الثاني هو الإستحقاق الرئاسي ومصالح الأفرقاء المعنيين في هذا المجال.