باتت مسألة معالجة الشغور المحتمل في قيادة المؤسسة العسكرية، هي العنوان الأبرز لكل الحراك القائم على الساحة المحلّية، مع إقتراب موعد نهاية ولاية العماد جوزاف عون في 10 كانون الثاني المقبل، حيث لا تزال الأمور مفتوحة على كافة السيناريوهات، خصوصاً أن كل مخرج مطروح يواجه مجموعة من المطبّات التي ينبغي تجاوزها، لكنّ الأساس يبقى القرار السياسي والجهة التي ستقبل التضحية من أجل تحقيق أهدافها.
في هذا السياق، بورصة المخارج المتاحة لا تزال تتبدل بين لحظة وأخرى، لا سيما بالنسبة إلى خياري التمديد لقائد الجيش الحالي أو الذهاب إلى تعيين قائد جديد، وهو ما يشمل أيضاً البوابة الممكنة لذلك، أي مجلس الوزراء أو المجلس النيابي، على إعتبار أن لكل بوابة ثمنها المطلوب سياسياً، لا سيما من جانب القوى المسيحية الأساسية.
على هذا الصعيد، تلفت مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنه قبل أيام كانت الأمور تسير بإتجاه صدور قرار عن مجلس الوزراء بتأجيل تسريح العماد عون، قبل أن يتم التروّي بسبب وجود إتصالات من الممكن أن تقود إلى تعيين قائد جديد للجيش، من ضمن سلّة من التعيينات، حيث طرح إسم مدير المخابرات العميد طوني قهوجي كخيار أول، الأمر الذي يتطلب حكماً الذهاب إلى تسوية مع "التيار الوطني الحر"، على إعتبار أن الإقتراح لا يمكن أن يتم إلا عبر وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم.
حول هذا الموضوع، تشير المصادر نفسها إلى أن خيار التعيين يواجه بعض الصعوبات، التي تبدأ من أن بعض القوى تفضّل عدم القيام بهكذا تعيين قبل إنتخاب رئيس الجمهوريّة، بينما هناك قوى ترى أنّ المطلوب الوصول إلى أيّ تسوية تحول دون الفراغ، لكنها توضح أنّ العقبة تكمن، في حال توفر التوافق على التعيين، في الآلية المناسبة لذلك، حيث هناك "معركة" تخاض، بين التيار ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، حول آلية إتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، وبالتالي على فريق منهما أن يبادر إلى التنازل أو دفع الثمن.
بالتزامن، توضح هذه المصادر أنه بالرغم من وجود مجموعة كبيرة من القوى السياسية التي تؤيد خيار تأجيل التسريح عبر مجلس الوزراء، هناك مشكلة قانونية تحول دون ذلك، على إعتبار أن الإقتراح من المفترض أن يمر أيضاً عبر وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال، بغض النظر عن الحديث عن وجود دراسة قانونية تسمح بالقفز فوق ذلك، نظراً إلى أن هذه المسألة ستجعل أي قرار يصدر عرضة للطعن أمام السلطة القضائية المختصة.
هذا الواقع، يدفع المصادر المتابعة إلى الحديث عن إمكانية العودة إلى المجلس النيابي، من أجل العمل على إقرار قانون بهذا الشأن، لا سيما بعد أن كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي يفضل أن تتم المعالجة عبر مجلس الوزراء، قد أشار إلى أنه سيعطي مهلة حتى نهاية الشهر الحالي قبل أن يبادر إلى التحرك، لكن هنا أيضاً من المفترض البحث عن تسوية على حزب "القوات اللبنانية" أن يدفع ثمنها، من خلال الموافقة على المشاركة بجلسة تشريعية لا يكون إقتراح القانون المتعلق بتمديد ولاية عون بنداً وحيداً على جدول أعمالها.
في هذا المجال، تلفت المصادر نفسها إلى أن العودة إلى المجلس النيابي، من أجل أن يكون بوابة معالجة الشغور المحتمل، تتطلب أيضاً الذهاب إلى معالجة مطالب الكتل النيابية السنية، التي تريد أن يشمل أي قانون يصدر بهذا الشأن مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، الذي يحال إلى التقاعد في العام المقبل أيضاً، مع العلم أن موقفها مهم من أجل ضمان توفر الأكثرية النيابية اللازمة لتمرير القانون.
في المحصّلة، تشير هذه المصادر إلى أنّ المسألة تخطّت كل الشعارات التي تطلق عن الحرص على المؤسسة العسكرية، خصوصاً في ظل السجالات اليومية المفتوحة حول الخيارات المتاحة وما تتركه من تداعيات حول الواقع داخل المؤسسة نفسها، حيث تؤكد أن كل ما يحصل هو لعبة مصالح سياسية وتوازنات متعلقة بالإستحقاق الرئاسي، الذي ينتظر الإنتهاء من العدوان الإسرائيلي على غزة كي يعود إلى الواجهة.