أشار الرّئيس الأميركي جو بايدن، إلى أنّ "العالم يواجه اليوم نقطة انعطاف، حيث تحدّد الاختيارات الّتي نتّخذها -بما في ذلك الاختيارات الّتي نتّخذها في الأزمات في أوروبا والشّرق الأوسط- اتجاه مستقبلنا لأجيال قادمة"، متسائلًا: "كيف سيبدو عالمنا على الجانب الآخر من هذه الصّراعات؟ هل سنحرم حركة "حماس" من القدرة على ارتكاب الشّرّ المحض؟ فهل يعيش الإسرائيليّون والفلسطينيّون ذات يوم جنبًا إلى جنب في سلام، مع وجود دولتين لشعبين؟ فهل نحمّل الرّئيس الرّوسي فلاديمير بوتين المسؤوليّة عن عدوانه، حتّى يتمكّن شعب أوكرانيا من العيش حرًّا وتظلّ أوروبا مرساةً للسّلام والأمن العالميَّين؟".
واعتبر، في مقال نشرته صحيفة "واشطن بوست" الأميركيّة، أنّ "كلًّا من بوتين و"حماس" يقاتلان من أجل محو ديمقراطيّة مجاورة من على الخريطة. ويأملان في انهيار الاستقرار والتّكامل الإقليميَّين على نطاق أوسع، والاستفادة من الفوضى الّتي قد تترتّب على ذلك"، مؤكّدًا أنّه "لا يمكن لأميركا أن تسمح بحدوث ذلك، ولن تسمح بذلك، من أجل مصالح أمننا القومي، ومن أجل خير العالم أجمع".
ولفت بايدن إلى "أنّنا نحشد الحلفاء والشّركاء للوقوف في وجه المعتدين، وإحراز تقدّم نحو مستقبل أكثر إشراقًا وسلامًا. إنّ العالم يتطلّع إلينا لحلّ مشاكل عصرنا، وهذا هو واجب القيادة، وأميركا ستتولّى القيادة، لأنّنا إذا ابتعدنا عن تحدّيات اليوم، فإنّ خطر الصّراع قد ينتشر، وسترتفع تكاليف التّصدّي له؛ ولن نسمح بحدوث ذلك".
وأكّد "أنّنا نقف بثبات إلى جانب الشعب الإسرائيلي وهو يدافع عن نفسه ضدّ العدميّة القاتلة الّتي تمارسها "حماس". في 7 تشرين الأوّل الماضي، ذبحت "حماس" 1200 شخص، من بينهم 35 مواطنًا أميركيًّا، في أسوأ مذبحة تُرتكب ضدّ الشّعب اليهودي في يوم واحد منذ المحرقة"، مبيّنًا أنّه "تمّ تشويه وقتل الرضّع والأطفال الصّغار، والأمّهات والآباء والأجداد، والأشخاص ذوي الإعاقة، وحتّى النّاجين من المحرقة؛ وذُبحت عائلات بأكملها في منازلهم. قُتل شبّان بالرّصاص في مهرجان موسيقي. جثث مثقوبة بالرّصاص ومحترقة لدرجة يصعب التّعرّف عليها".
كما ركّز على أنّ "على مدار أكثر من شهر، ظلّت عائلات أكثر من 200 أسير احتجزهم "حماس"، بما في ذلك الأطفال والأميركيّون، تعيش في الجحيم، وتنتظر بفارغ الصّبر اكتشاف ما إذا كان أحبّاؤها على قيد الحياة أم مَيتين. وفي وقت كتابة هذه السّطور، كنت أنا وفريقي نعمل ساعةً بساعة، ونبذل كلّ ما في وسعنا لإطلاق سراح الأسرى"، مشيرًا إلى أنّه "رغم أنّ الإسرائيليّين ما زالوا في حالة صدمة جرّاء هذا الهجوم، فقد وعدت "حماس" بأنّها ستحاول بلا هوادة تكرار ما حدث في السّابع من تشرين الأوّل، ولقد قالت بوضوح شديد إنّها لن تتوقّف".
وشدّد بايدن على أنّ "الشعب الفلسطيني يستحقّ دولةً خاصّةً به ومستقبلًا خاليًا من "حماس". وأنا أيضًا أشعر بحزن شديد إزاء الصّور القادمة من غزة ومقتل عدّة آلاف من المدنيّين، بما في ذلك الأطفال. أطفال فلسطين يبكون على فقدان والديهم. يقوم الآباء بكتابة اسم طفلهم على أيديهم أو أرجلهم حتّى يمكن التّعرّف عليهم في حالة حدوث الأسوأ"، لافتًا إلى أنّ "الممرّضين والأطبّاء الفلسطينيّين يحاولون يائسين إنقاذ كلّ حياة ثمينة يمكنهم إنقاذها، بموارد قليلة أو معدومة. إنّ كلّ حياة فلسطينيّة بريئة تُفقد هي مأساة تمزّق العائلات والمجتمعات".
ورأى أنّه "لا ينبغي أن يكون هدفنا ببساطة وقف الحرب الآن، بل يجب أن يكون إنهاء الحرب إلى الأبد، وكسر دائرة العنف المتواصل، وبناء شيء أقوى في غزة وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط، حتّى لا يستمرّ التّاريخ في تكرار نفسه"، جازمًا أنّ "حلّ الدّولتين هو السّبيل الوحيد لضمان الأمن الطّويل الأمد للشّعبَين الإسرائيلي والفلسطيني. وعلى الرغم من أنّه قد يبدو الآن أنّ هذا المستقبل هو أبعد من أيّ وقت مضى، إلّا أنّ هذه الأزمة جعلته أكثر حتميّة من أيّ وقت مضى".
وأوضح أنّ "لتحقيق هذه الغاية، اقترحت الولايات المتحدة الأميركية مبادئ أساسيّة لكيفيّة المضي قُدمًا للخروج من هذه الأزمة، لإعطاء العالم الأساس الّذي يمكن البناء عليه"، مفسّرًا أنّ "بدايةً، يجب ألّا تُستخدَم غزة مرّة أخرى كمنصّة للإرهاب، ويجب ألّا يكون هناك تهجير قسري للفلسطينيّين من غزة، ولا إعادة احتلال، ولا حصار، ولا تقليص في الأراضي. وبعد انتهاء هذه الحرب، يجب أن تكون أصوات الشعب الفلسطيني وتطلّعاته في قلب الحكم بعد الأزمة في غزة".
وأضاف بايدن: "بينما نسعى جاهدين من أجل السّلام، ينبغي إعادة توحيد غزة والضفة الغربية، في ظلّ بُنية حكم واحدة، وفي نهاية المطاف في ظلّ سلطة فلسطينيّة متجدّدة، بينما نعمل جميعًا نحو حلّ الدولتين"، كاشفًا "أنّني كنت أؤكّد مع قادة إسرائيل أنّ العنف المتطرّف ضدّ الفلسطينيّين في الضفة الغربية يجب أن يتوقّف، وأنّ أولئك الّذين يرتكبون أعمال العنف يجب أن يخضعوا للمحاسبة". وأعلن أنّ "الولايات المتّحدة مستعدّة لاتخاذ خطواتها الخاصّة، بما في ذلك إصدار حظر على تأشيرات الدّخول ضدّ المتطرّفين الّذين يهاجمون المدنيّين في الضفة الغربية".