أعربت أوساط سياسية بارزة لـ "النشرة"، عن خشيتها من تدحرج العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية نحو المزيد من التصعيد والاشتعال، ارتباطا بالتطورات العسكرية في غزة لجهة ارتكاب "إسرائيل" المزيد من جرائم الابادة والمجازر بحق المدنيين والأبرياء في المدارس ومراكز الإيواء والمستشفيات والأحياء ولجهة التوغل البري ومحاولة فصل شمال القطاع عن جنوبه.
والخشية من التصعيد على الجبهة الجنوبية، رغم إعلان الأمين العام لـ"حزب الله"، السيد حسن نصر الله أن الجبهة للدعم وهي تقوم بمهامها على أكمل وجه لجهة إشغال "إسرائيل" وإجبارها على دفع المزيد من التعزيزات العسكرية من الجنود والآليات وسواهما يعود إلى تطورين بارزين في سياق المواجهة الدائرة بين الحزب و"إسرائيل" خلال الأيام القليلة الماضية...
الأول، قصف إسرائيل لهدف مدني في بلدة تول في عمق منطقة النبطية لأول مرة منذ حرب تموز 2006، ادّعت أنه هدف عسكري هو في الأساس معمل لأشغال الألومينيوم على طريق تول-الكفور مما أدّى إلى احتراقه بكامل معداته. وهو الهدف المدني الثاني بعد استهداف بيك آب في منطقة الزهراني أي بعيدا عن حدود المواجهة المتعارف عليها أو ما يطلق عليها ضمن قواعد الاشتباك.
والثاني، إسقاط الحزب طائرة مسيّرة بصاروخ أرض جو نوعي، وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها هذا السلاح في هذه المواجهات، ما أثار قلق الإسرائيليين من استخدام أسلحة متطوّرة تهدّد سلاح المسيّرات التي تشكل عماد الأنشطة العسكريّة الإسرائيليّة، بعدما حرص الحزب على شنّ سلسلة عمليّات عسكرية ضد المواقع العسكرية بالتزامن من القطاع الغربي إلى الشرقي، ما أربك العدو وأوقع إصابات محققة في صفوفه.
وترى الأوساط السياسية في هذين التطورين، الأول هو احتمال اشتداد حماوة المواجهة أكثر واتساع نطاقها دون أن تصل إلى الحرب وفتح الجبهة، بعدما تدحرجت منذ بدء علمية "طوفان الأقصى" من عمليات عسكرية للحزب ضد المواقع والأهداف العسكرية، ومنها استهداف الجنود الاسرائيليين وتجمعاتهم وكاميرات المراقبة على طول الحدود، مقابل قصف إسرائيلي على القرى ثم استهداف المدنيين والصحفيين وارتكاب مجزرة عيناتا بحق جدّة وأحفادها الثلاثة وفرض النزوح وحرق الأشجار والبساتين عمدا.
وفيما يمضي "الحزب" في انتهاج معادلة "الكلمة للميدان" التي أطلقها السيد نصرالله، أي اصطياد الجنود الاسرائيليين وآلياته العسكرية حين تسمح الفرصة بذلك دون الرجوع إلى القيادة التي أعطيت الإذن المفتوح بذلك، أوضحت مصادر جنوبية لـ"النشرة" أنّ هذه المعادلة شغلت الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأميركيّة والاتّحاد الأوروبي لفكّ شفرتها وتوقيتها، حيث تلقى الحزب سيلا من الرسائل الدبلوماسيّة التي تحذّره من الانزلاق إلى آتون حرب، فيما كان الرد واضحا أن على الدول المهتمة بالأمن والاستقرار في لبنان الضغط على إسرائيل لوقف قصفها المناطق الجنوبية وكذلك وقف العدوان على غزة.
معاناة النزوح
وعلى وقع المخاوف، كبرت دائرة النزوح الجنوبي من مختلف القرى والبلدات الحدوديّة بعدما بدأت "إسرائيل" باستهداف المدنيين عمدا في صورة مصغّرة عما يجري في غزة، فانتقل بعضهم إلى بيروت أو قاموا باستئجار شقق، بينما افتتح اتّحاد بلديات صور ومنطقتها أربعة مراكز إيواء (ثلاث مدارس رسمية وجامعة)، وقد بلغ عدد النازحين في نطاقه الجغرافي نحو13,801 نازح أي ما يقارب 2952 عائلة.
وفيما يتوزع هؤلاء على ثلاث مدارس رسمية في صور هي المهنيّة، والتكميليتان الرسميتان، إضافة إلى الجامعة اللبنانية -الألمانية، إضافة إلى عدد من القرى المجاورة، ومنها برج الشمالي، العباسية، برج رحال، عين بعال وغيرها، تشكو وحدة إدارة الكوارث من النقص الحاد في تأمين مستلزمات المنامة لجهة الفرش والحرامات وغيرهما مع بدء موسم البرد والأمطار، في ظلّ إمكانات الدولة المعدومة بسبب الأزمة الاقتصاديّة والمعيشيّة التي يعيشها لبنان منذ سنوات عديدة.
وهذا العجز المالي بحد ذاته، دفع بعض المسؤولين المعنيين بخطة الطوارئ من استثناء النازحين السوريين من الإيواء، بينما تقف منظّمة الأمم المتحدة لرعاية شؤون اللاجئين موقف المتفرّج حتى الآن، ولم تبادر إلى وضع أيّ خطة او تقدم مساعدات استثنائية نظرا للظروف المعيشيّة الخانقة مع هذا التصعيد العسكري الذي يبدو أن أمده سيطول.