افادت مصادر حكومية لـ"الجمهورية"، عن انّ "اتصالات هادئة تجري بعيداً عن الاضواء في شأن ما يمكن اتخاذه من خطوات لانجاز الاستحقاق العسكري على قاعدة في التأنّي السلامة وفي العجلة الندامة، وعندما تستكمل هذه الاتصالات سيبنى على الشيء مقتضاه".
وعلمت "الجمهورية" من مصدر سياسي مطلع انّ "موضوع تفادي الشغور في القيادة العسكرية سيترك الى الربع الساعة الاخير، وقال المصدر: "ما حصل في اليومين الماضيين لا يوحي بالاستعجال واعطاء الملف صفة العاجل والداهم". وكشف انّ "حزب الله" طلب التريث لعدم توتير الاجواء بينه وبين رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل في محاولة لاخراج الموضوع من الكباش السياسي والاستفزاز وايجاد حل خارج الضغط السياسي والاعلامي". واكد المصدر "ان التمديد لقائد الجيش لا يزال الاكثر طرحا خصوصا بعد بروز توافق مسيحي كبير حوله وإن كان التيار خارجه".
الى ذلك كشفت مصادر قريبة من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي انه "على رغم من الحديث عن مجموعة الآراء السياسية والحزبية التي تناولت طريقة مقاربة ملف قيادة الجيش، او الدراسات القانونية التي أعدها قضاة أو قانونيون وغيرهم ممّن يحاولون التقرّب من المؤسسة العسكرية وحَرف الأنظار لتسليط الضوء عليهم، تبيّن أن الدراسة الوحيدة التي سيعوّل عليها في النقاش هي تلك الموجودة في أدراج ميقاتي، والتي أعدها الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة، بتكليف من مجلس الوزراء".
واوضحت المصادر "أنها دراسة دستورية قانونية مفصّلة تتناول مختلف جوانب المسألة المطروحة وتعرض بالتفصيل للحلول القانونية التي يُمكن اعتمادها لتفادي الشغور المُرتقب في القيادة العسكرية، ومن ضمنها تأجيل التسريح على أن يُترك للسلطة السياسية ممثلةً بمجلس الوزراء تقرير ما تراه مناسباً، ليس فقط استناداً إلى ما ورد في الدراسة بل في مدى انسجام ما ستقرره في ظل الواقع السياسي".
وإذ توقعت مصادر مشاركة في الاتصالات انعقاد مجلس الوزراء الاثنين المقبل، نَفت مصادر وزارية لـ"الجمهورية" ما شاع أمس عن جلسة ستعقد اليوم، وقالت ان ميقاتي كان قد لفت الوزراء الى ان الاتصالات ستبقى مفتوحة الى ان تأتي ساعة الدعوة الى الجلسة المقبلة، ولذلك لم يحدد اي موعد لجلسة حتى اللحظة".
وأكدت المصادر ان "مصير أي جلسة مقبلة مرهون بوجود الوزراء في بيروت ليكون النصاب القانوني متوافرا، وهو امر متعذّر اليوم في ظل وجود 13 وزيرا فقط في بيروت وغياب 4 لن يعودوا من الخارج قبل 27 من الجاري".
والى هذه الملاحظات، أضافت المصادر عينها ان "اي جلسة مقبلة ستبقى رهناً بإنجاز اي تقدم على مستوى القضايا البارزة المطروحة للبحث. فإن كان الامر الابرز يتصل بانتهاء الإتصالات الجارية لتحديد مصير التمديد لقائد الجيش او إجراء التعيينات الشاملة على مستوى القيادة واعضاء المجلس العسكري والتي لم تكتمل فصولها بعد، فإنّ البحث في ملفات أخرى دونه خطوات لا سيما منها تلك المتصلة بالتقرير الجديد الذي كُلِّفَ وزير الإتصالات جوني القرم اعداده حول ملف البريد، وهذه عملية ستستغرق ربما اشهراً عدة لأنه لم يعد الجو ضاغطاً لمجرد التمديد لشركة «ليبان بوست» الى اجل غير مسمّى. كما بالنسبة الى العرض الذي عليه ان يضعه مجددا في شأن الاستعانة بشبكة «ستارلينك» للاتصالات الدولية الخلوية في حال الطوارى ان وقعت الحرب في لبنان".
ورأت المصادر ان "لربما امام حكومة تصريف الاعمال قضايا عدة إدارية ومالية واجتماعية وطبية وتربوية عليها البت بها على اكثر من مستوى، ولكن الجو السياسي حصر الاهتمامات في هذه الفترة بالوضع الميداني والامني نتيجة استمرار العدوان الاسرائيلي على لبنان كما بالنسبة الى ما سمّي "خطة الطوارى"، فهي عملية مستمرة يجري تَيويمها قياساً على ما هو منتظر من مساعدات وربما قروض تخصص للشأن الإجتماعي والانساني يجري العمل من اجلها وحجم ما هو متوقع من تطورات ميدانية في انتظار الجديد الطارئ".
في هذا السياق، كتبت صحيفة "الأخبار"، "لا قرار نهائياً بعد في شأن مصير قيادة الجيش مع إحالة العماد جوزاف عون إلى التقاعد في العاشر من كانون الثاني المقبل، وهو ما عبّر عنه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمام من التقاهم بأنه لن تكون هناك جلسة قريبة لاتخاذ قرار يتعلق بالتمديد لعون".
وجزمت مصادر للصحيفة أن "التمديد عاد إلى التصدّر كـ"خيار الضرورة"، خصوصاً أن هناك ضغوطاً خارجية للدفع إليه، ولا سيما من واشنطن والدوحة، فضلاً عن "الموقف المسيحي العام" المؤيّد تحت غطاء من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي". واشارت المصادر الى إن "رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في موقف حرج للغاية، خصوصاً أمام الرأي العام المسيحي الذي يسأل كيف يوافق على تعيين قائد للجيش في ظل الفراغ الرئاسي، بعدما قاد معركة ضد تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان واتّهم الحكومة الحالية بأنها ساقطة ولا شرعية لها وأن كل القرارات التي تتخذها غير دستورية؟".
واعتبرت المصادر أن "خصوم باسيل في الشارع المسيحي قادرون اليوم على اتهامه بالعمل لتحقيق مصلحته الشخصية باإعاد قائد الجيش عن حلبة المنافسة الرئاسية، بعدما كان يرفض مبدأ قيام هذه الحكومة بإقرار تعيينات، فيما هو يقبل بذلك اليوم بحجّة الوضع الأمني الحساس". وفي السياق، لفتت المصادر إلى "حراجة وضع الفريق الحكومي. فحتى لو توافر نصاب الثلثين في مجلس الوزراء لإقرار التعيين، فالقرار سيواجه ردة فعل مسيحية كبيرة ستكون لها نتائج سلبية على التيار الوطني الحر الذي قد يضطر للتراجع عن فكرة التعيين في حال لم يستطع فرض آلية المرسوم الجوّال".